Rss Feed

  1. قال (234) : والإمامة : رياسةٌ عامةٌ في أمر الدّين والدنيا خلافةً عن النبيّ ... )
    أقول :
    لا خلاف ظاهراً في تعريف الإمامة .
    والإمام هو المؤتمّ به ، أيّ المقتدى والمتّبع ، قال الله سبحانه لإبراهيم عليه السلام : ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماًً ) (1).
    وقال العلاّمة الحلّي رحمة الله بتعريف الإمامة : ( الإمامة رياسة عامة في أمور الدّين والدنيا لشخصٍ من الأشخاص نيابةً عن النبيّ صلّى الله عليه وآله ) .
    وقال المقداد السيوري رحمة الله بشرحه : ( الإمامة رياسة عامة في أمور الدّين والدنيا لشخص إنساني . فالرياسة جنس قريب ، والجنس البعيد هو
    ـــــــــــــــــــ
    (1) سورة البقرة : 118 .

    الصفحة 152
    النسبة ، وكونها عامّة فصل يفصلها عن ولاية القضاة والنوّاب ، وفي أمور الدين والدنيا بيان لمتعلّقها ، فإنّها كما تكون في الدين فكذا في الدنيا ، وكونها لشخص إنساني فيه إشارة إلى أمرين :
    أحدهما : أنّ مستحقّها يكون شخصاً معيّناً معهوداً من الله تعالى ورسوله ، لا أيّ شخص اتّفق .
    وثانيهما : أنّه لا يجوز أن يكون مستحقّها أكثر من واحد في عصر واحدٍ .
    وزاد بعض الفضلاء في التّعريف : بحقّ الأصالة ، وقال في تعريفها : الإمامة رياسة عامة في أمور الدّين والدنيا لشخص إنساني بحقّ الأصالة . واحترز بهذا عن نائب يفوّض إليه الإمام عموم الولاية ، فإنّ رياسة عامّة لكن ليست بالأصالة .
    والحقّ : أنّ ذلك يخرج بقيد العموم ، فإنّ النائب المذكور لا رياسة له على إمامه ، فلا تكون رياسته عامّة . ومع ذلك كلّه : فالتّعريف ينطبق على النّبوة ، فحينئذٍ يزاد فيه : بحقّ النيابة عن النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أو بواسطة بشر ) (1) .
    قال :
    فإن قيل : الخلافة عن النبيّ إنّما تكون فيمن استخلفه النبيّ ، ولا يصدق التعريف على إمامة البيعة ونحوها ... قلنا : لو سلّم ، فالاستخلاف أعمّ من أن يكون بوسط أو بدونه ) .
    أقول :
    لا نزاع في أنّ موضوع البحث هو الإمامة الحقّة التي وصفت في القرآن الكريم بعهد الله (2) دون السلطنة والملوكيّة ، وهذه الإمامة لا تكون إلاّ لمن
    ـــــــــــــــــــ
    (1) النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر : 44 .
    (2) سورة البقرة : 118 .

    الصفحة 153
    استخلفه النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وهو لا يفعل إلاّ بأمر من الله ، فمن ناله هذا العهد كان له الرئاسة العامة في أمور الناس الدّينيّة والدنيويّة نيابة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم .
    ومن هنا يظهر أنّه لا بدّ من النصّ على الإمام ، فمن كان إماماً بالبيعة أو الشورى أو القهر والغلبة ... فتلك السّلطنة لا الولاية الإلهيّة ...
    وقد التفت السّعد إلى هذا ، فأجاب بأنّ الاستخلاف ( أعمّ من أن يكون بوسط أو بدونه ) .
    فإن أراد مطلق الاستخلاف فهو صحيح ، لكنّ الكلام ليس فيه ، وإن أراد خصوص استخلاف النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ كما هو الظّاهر ـ توقّف الأمر على معرفة ( الوسط ) وثبوت الإذن منه صلّى الله عليه وآله وسلّم في توسّطه ، فلا يجوز وصف ( إمامة البيعة ) بـ ( الخلافة عن النبيّ ) ما لم يقم الدليل المعتبر عنه في ذلك ، بحيث يكون الإمام بالبيعة كالإمام المنصوص عليه من قبله مباشرة . وعلى فرض ثبوت ذلك بالنسبة إلى خصوص ( البيعة ) فهل أنّ ( القهر والغلبة ) أيضاَ ( وسط ) يتحقّق به استخلاف النبيّ ؟! وهل يجوز تسمية من استولى بالقهر والغلبة بـ ( خليفة رسول الله ) و ( أمير المؤمنين ) كما عليه القوم ؟!