Rss Feed

  1. قال (312) :

    الصفحة 279
    ممّا يلحق بباب الإمامة بحث خروج المهدي ... ) .
    أقول :
    ليس بحث المهدي وخروجه ممّا يلحق بباب الإمامة ، بل إنّه من صلب باب الإمامة ، فإنّه الإمام الثاني عشر المنصوص عليه من النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والأحاديث به متواترة والاعتقاد به من ضرورّيات الدين ، فمن أنكره عدّ من المرتدّين .
    قال (313) :
    وزعمت الإمامية من الشيعة أنّ محمّد بن الحسن العسكري اختفى عن الناس خوفاً من الأعداء ، ولا استحالة في طول عمره ، كنوح ولقمان والخضر عليهم السلام . وأنكر ذلك سائر الفرق ، لأنّه ادعاء أمر يستبعد جداً ... ) .
    أقول :
    المهدي من هذه الأمّة ، ومن قريش ، ومن العترة النبوية ، ومن ولد فاطمة عليها السلام كما في الأحاديث الكثيرة التي أورد بعضها في الكتاب ...
    ثمّ إنّه من ولد الحسين بن عليّ عليهما السلام كما في الأحاديث الكثيرة أيضاً المتّفق عليها بين الفريقين ... منها أنّه لمّا أخبر به سأله سلمان : ( من أيّ ولدك يا رسول الله ؟ قال : مِن وَلَدي هذا . وضرب بيده على الحسين ) (1) .
    ثمّ إنّ مقتضى الأحاديث الصّحيحة المتّفق عليها وجود المهدي عليه السلام ، وهي طوائف :
    1 ـ ما جاء في أنّ مَن مات بغير إمام مات ميتة جاهليّة . وقد تقدّم ذكره في الكتاب ببعض ألفاظه ، وقد أرسله السّعد إرسال المسّلمات .
    2 ـ ما جاء في أنّ الأئمة بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم اثنا عشر . وقد
    ـــــــــــــــــــ
    (1) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : 136 .

    الصفحة 280

    تقدّم في الكتاب ذكره كذلك .
    3 ـ ما جاء في أنّ الحسين عليه السلام إمام أخو إمام أبو أئمّة تسعة . وقد تقدّم في الكتاب إشارة إليه كذلك .
    وهذا هو الحقّ الثابت عند أهله ، وأخبارهم وآثارهم به متواترة قطعية .
    ثمّ إنّ السعد لا ينكر ولادة الإمام المهدي ابن الحسن العسكري عليه السلام ، وبولادته صرّح كثير من علماء أهل السنة من محدّثين ومؤرّخين وفقهاء وعرفاء ، كالحافظ أحمد بن محمّد البلاذري ، وابن الأزرق المؤرّخ ، والحافظ أبي بكر البيهقي ، وابن الوردي ، وصلاح الدين الصّفدي ، وكمال الدين ابن طلحة الشافعي ، وسبط ابن الجوزي الحنفي ، ونور الدين ابن الصبّاغ المالكي ، وصدر الدّين الحمويني ، وابن حجر المكّي ، وابن عربي ، وعبد الوهّاب الشّعراني ... وغيرهم ... وكلمات الجميع مدوّنة في الكتب المؤلّفة في أخبار المهدي التي تعدّ بالمئات ...
    وقد صرّح غير واحد منهم باختفائه عن الناس ، كابن حجر المكّي الشافعي والقندوزي الحنفي كما في ( ينابيع المودّة ) وابن الصبّاغ المالكي في ( الفصول المهمّة ) ...
    فالمهدي ـ وهو ابن الحسن العسكري ـ مولود موجود ، والسّعد ليس من المنكرين ، وإنّما قال :
    ( لأنّه ادعاء أمر يستبعد جداً ... ) .
    وقال :
    ولأنّ اختفاء إمام هذا القدر من الأنام بحيث لا يذكر منه إلاّ الاسم بعيد جداً ) .
    وفيه :
    أوّلاً : أنّه ليس بحيث لا يذكر منه إلاّ الاسم ، فإنّ أوليائه بوجوده ينتفعون وبنور هدايته يستضيئون ، وما يدري السّعد!
    وثانياً : أنّ المراد من الاختفاء هو عدم العلم بشخصه ومكانه ، وإلاّ فإنّه يتجوّل في البلاد ويحضر

    الصفحة 281

    الموسم ، بخدمه وحشمه ...
    وثالثاً : أنّ الاستبعاد المجرّد لأمر يرتفع بمجرّد وقوع نظير له في الوجود ، فكيف ، والنظائر كثيرة لا تحصر ؟
    قال :
    ولأنّ بعثه مع هذا الاختفاء عبث ... ) .
    أقول :
    هذا اعتراض على الله سبحانه ـ وإلاّ فإنّ نظائره بين الأنبياء كثيرون ...
    قال : ( ولو سلّم فكان ينبغي أن يكون ظاهراً ... ) .
    أقول :
    صحيح أنّ الانتفاع الكامل به يكون إذا كان ظاهراً ، ولكن الانتفاع به حال كونه مختفياً يعلمه أهله ، ولكنّ غيرهم لا يشعرون .
    قال :
    ( فما يقال : إنّ عيسى يقتدي بالمهدي أو بالعكس شيء لا مستند له ، فلا ينبغي أن يعوّل عليه ) .
    أقول :
    هذا إنكار للحديث المتّفق عليه الصريح في أنّ عيسى عليه السلام يصلّي خلفه ، ولعلّ الوجه لعدم التعويل عليه كلامه بعد ذلك :
    قال :
    نعم ، هو وإن كان حينئذٍ من أتباع النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فليس منعزلاً عن النبوّة ، فلا محالة يكون أفضل من الإمام ، إذ غاية علماء الأمّة الشبه بأنبياء بني إسرائيل ) .
    أقول :
    إنّ البحث عن المهدي عليه السلام وأخباره يستوعب كتباً عديدة ، ونحن نتعرّض باختصار لبعض ما ورد في خصوص أنّ عيسى عليه السلام يقتدي به في الصلاة . ليتبينّ أن ما ذكره السعد هنا جهل أو تعصّب ، فنقول :

    الصفحة 282

    أخرج البخاري ومسلم ، كلاهما في باب نزول عيسى ، عن أبي هريرة قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ( كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ؟! ) .
    وأخرجه ابن ماجة عن أبي أمامة الباهلي . والحاكم عن أبي نضرة وصححه على شرط مسلم . وأبو نعيم عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله . وهو عند غيرهم عن غير واحدٍ من الصحابة . والحديث بذلك متواتر كما نصّ عليه بعض الأعلام ، فلاحظ : الصواعق المُحرقة 99 حيث ذكر ذلك وأضاف : ( إنّ المهدي يصلّي بعيسى . هو الذي دلّت عليه الأحاديث ) .
    وقال الحافظ السيوطي رداً على من أنكر ذلك :
    ( هذا من أعجب العجب ، فإنّ صلاة عيسى خلف المهدي ثابتة في عدّة أحاديث صحيحة ، بإخبار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو الصادق المصدّق الذي لا يخلف خبره ... ) راجع : الحاوي للفتاوي 2 / 167 .
    اللهمّ ثبّتنا على القول بإمامته وإمامته وإمامة آبائه الطاهرين وشريعة سيد المرسلين ، ووفّقنا لما تحبّه وترضاه يوم الدين ، واجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم يا أرحم الرّاحمين .
     وصلّى الله على محمّد وآله المعصومين والحمد لله ربّ العالمين .