إنّ حديث الغدير متواتر عند أصحابنا بطرقهم وأسانيدهم ، كما لا يخفى على من راجع كتبهم ، ويكفي لكون الحديث متّفقاً بين الفريقين ، قابلاً للاحتجاج به لإثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، تنصيص بعض علماء المخالفين على صحّته ... إلاّ أنّ الواقع فوق ذلك ، فقد نصّ غير واحد منهم على تواتره .
فممّن نصّ على صحّته من أئمّة الحديث عند القوم :
1 ـ أبو عيسى الترمذي صاحب الصحيح المتوفّى سنة 279 ، فإنّه قال بعد أن أخرجه : ( هذا الحديث حسن صحيح ) (1) .
2 ـ أبو جعفر الطحاوي المتوفّى سنة 279 ، فإنّه قال بعد أن رواه : ( فهذا الحديث صحيح الإسناد ولا طعن لأحدٍ في رواته ) (2) .
3 ـ ابن عبد البرّ القرطبي المتوفّى سنة 364 ، فإنّه قال بعد أحاديث منها حديث الغدير : ( هذه كلّها آثار ثابتة ) (3) .
4 ـ الحاكم النيسابوري المتوفّى سنة 405 ، حيث أخرجه بعدّة طرق وصحّحها (4) .
5 ـ الذهبي المتوفّى سنة 748 ، فإنّه وافق الحاكم على تصحيحه في تلخيصه (5) كما نقل عنه ابن كثير ذلك واعتمده .
6 ـ ابن كثير المتوفّى سنة 774 ، فقد ذكر الحديث ثمّ قال : ( قال شيخنا أبو
ـــــــــــــــــــــ
(1) صحيح الترمذي : 2 / 298 .
(2) مشكل الآثار : 2 / 308 .
(3) الاستيعاب 2 / 273 .
(4) المستدرك على الصحيحين 3 / 109 .
(5) تلخيص المستدرك 3 / 109 .
ـــــــــــــــــــــ
(1) صحيح الترمذي : 2 / 298 .
(2) مشكل الآثار : 2 / 308 .
(3) الاستيعاب 2 / 273 .
(4) المستدرك على الصحيحين 3 / 109 .
(5) تلخيص المستدرك 3 / 109 .
الصفحة 206
عبد الله الذهبي : هذا حديث صحيح ) (1) .
7 ـ ابن حجر العسقلاني المتوفّى سنة 852 ، حيث قال : ( وأمّا حديث : مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، فقد أخرجه الترمذي والنسائي ، وهو كثير الطرق جداً ، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان ... ) (2) .
8 ـ ابن حجر المكّي المتوفّى سنة 974 : ( إنّه حديث صحيح لا مريّة فيه ، وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد ، فطرقه كثيرة جداً ، ومن ثمّ رواه ستة عشر صحابياً . وفي رواية لأحمد : إنّه سمعه من النبيّ ثلاثون صحابياً وشهدوا به لعليّ لما نوزع أيام خلافته كما مرّ وسيأتي ، وكثير من أسانيدها صِحاح وحِسان ، ولا التفات لمن قدح في صحّته ، ولا لمن ردّه بأنّ علياً كان باليمن ، لثبوت رجوعه منها ... ) (3) .
8 ـ ابن حجر المكّي المتوفّى سنة 974 : ( إنّه حديث صحيح لا مريّة فيه ، وقد أخرجه جماعة كالترمذي والنسائي وأحمد ، فطرقه كثيرة جداً ، ومن ثمّ رواه ستة عشر صحابياً . وفي رواية لأحمد : إنّه سمعه من النبيّ ثلاثون صحابياً وشهدوا به لعليّ لما نوزع أيام خلافته كما مرّ وسيأتي ، وكثير من أسانيدها صِحاح وحِسان ، ولا التفات لمن قدح في صحّته ، ولا لمن ردّه بأنّ علياً كان باليمن ، لثبوت رجوعه منها ... ) (3) .
9 ـ علي القاري المتوفّى سنة 1014 ، فإنّه قال بعد أن رواه : ( والحاصل : أنّ هذا حديث صحيح لا مريّة فيه ، بل بعض الحفاظ عدّه متواتراً ... فلا التفات لمن قدح في ثبوت هذا الحديث ، وأبعد من ردّه بأنّ عليّاً كان باليمن ... ) (4).
10 ـ المنّاوي المتوفّى سنة 1013 ، حيث قال : ( قال ابن حجر : حديث كثير الطرق جداً ، قد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، منها صِحاح ومنها حِسان ... ) (5) .
أقول : في هذه الكلمات :
أولاً : هذا الأثر ثابت .
ـــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ ابن كثير 5 / 209 .
(2) فتح الباري 7 / 61 .
(3) الصواعق المحرقة : 25 .
(4) المرقاة في شرح المشكاة 5 / 568 .
(5) فيض القدير 6 / 218 .
ـــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ ابن كثير 5 / 209 .
(2) فتح الباري 7 / 61 .
(3) الصواعق المحرقة : 25 .
(4) المرقاة في شرح المشكاة 5 / 568 .
(5) فيض القدير 6 / 218 .
الصفحة 207
وثانياً : أنّه صحيح .
وثالثاً : أنّه كثير الطرق جداً .
ورابعاً : أنّه لا التفات لمن قدح في صحّته .
وخامساً : إنّه متواتر عند بعض الحفّاظ .
ومع ذلك نذكر جماعة ممّن نصّ على تواتره وهم :
1 ـ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي .
2 ـ ابن كثير الدمشقي . قال ابن كثير : ( قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي : الحديث متواتر ، أتيقّن أنّ رسول الله قاله ) (1) .
3 ـ ابن الجزري المتوفّى سنة 833 ، قال : ( صحيح عن وجوه كثيرة ، متواتر عن أمير المؤمنين عليّ ، وهو متواتر أيضاً عن النبيّ ، رواه الجمّ الغفير عن الجمّ الغفير ، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممّن لا اطلاع له في هذا العلم ، وصحّ عن جماعة ممّن يحصل القطع بخبرهم ) (2).
4 ـ جلال الدين السيوطي المتوفّى سنة 910 .
5 ـ المنّاوي حيث قال بشرح الحديث نقلاً عن السيوطي : ( قال : حديث متواتر ) (3) .
وبعد ، فما تقول في قول السّعد : ( والجواب منع تواتر الخبر فإنّ ذلك من مكابرات الشّيعة ، كيف وقد قدح في صحّته كثير من أهل الحديث ) ؟!
ثمّ في قوله : ( ولم ينقله المحقّقون منهم كالبخاري ومسلم والواقدي ) ؟!
على أنّ عدم النقل لا يدلّ على القدح ، وهو يعلم بذلك ، فلذا غيّر العبارة ، ولو أردنا التكلّم في البخاري ومسلم وكتابيهما لطال بنا المقام ، وإن شئت فراجع
ـــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ ابن كثير 5 / 209 .
(2) أسنى المطالب : 48 .
(3) فيض القدير : 6 / 218
ـــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ ابن كثير 5 / 209 .
(2) أسنى المطالب : 48 .
(3) فيض القدير : 6 / 218
الصفحة 208
كتابنا : ( التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشّريف ) .
وأمّا قوله : ( وأكثر من رواه لم يرووا المقدّمة التي جعلت دليلاً على أنّ المراد بالمولى الأولى ) .
فكأقواله السّابقة ... وذلك لأنّ الأكثر رووا المقدّمة أيضاً ، ولو سلّم ففي رواية الأقل غنى وكفاية ... وممّن روى المقدّمة أيضاً :
معمّر بن راشد .
عبد الله بن نمير .
أبو نعيم الفضل بن دكين .
عفّان بن مسلم .
أبو بكر ابن أبي شيبة .
قتيبة بن سعيد الثقفي .
أحمد بن حنبل .
ابن ماجة القزويني .
أبوبكر البزّار .
أحمد بن شعيب النسائي .
أبو يعلى الموصلي .
محمّد بن جرير الطبري .
أبو الحسن الدارقطني .
أبو موسى المديني .
ابن كثير الدمشقي .
راجع : مسند أحمد 4 / 372 ، 347 ، الخصائص : 95 سنن ابن ماجة 1 / 43 ، تاريخ ابن كثير 7 / 348 ـ 349 ، الرياض النضرة 2 / 223 ، كنز العمّال 13 / 131 ، 134 ، 158 ، وغيرها من المصادر المعتبرة ...
الصفحة 209
هذا كلّه في الكلام على سند حديث الغدير بإيجاز ، فانظر وأنصف مَن ( المكابر ) ؟!