Rss Feed

  1. ولا ريب في أنّهما كانا على رأس الذين أبوا عن البيعة مع أبي بكر ، ففي كتابي البخاري ومسلم : ( كان لِعَلِىٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ ، فلمّا توفيّت فاطمة انصرفت وجوه الناس عنه عند ذلك .
    قال : معمر : قلت للزهري : كم مكثت فاطمة بعد النبي ( ص ) ؟
    قال : ستة أشهر .
    فقال رجل للزهري : فلم يبايعه علي ـ رضي الله عنه ـ حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها ؟
    قال : ولا أحد من بني هاشم ) .
    قال البيهقي :
    ( رواه البخاري في الصحيح من وجهين عن معمر . ورواه مسلم عن إسحاق بن راهويه وغيره عن عبدالرزاق ) (1) .
    وعن عائشة :
    ( أنّ فاطمة ـ عليها السلام ـ ابنة رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ـ
    ــــــــــــــــ
    (1) السنن الكبرى 6 / 300 .

    الصفحة 24
    سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله ـ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم ـ : أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله ممّا أفاء الله عليه . فقال لها أبو بكر : إنّ رسول الله قال : لا نورّث ما تركناه صدقة .
    فغضبت فاطمة بنت رسول الله فهجرت أبا بكر . فلم تزل مهاجرته حتى توفّيت . وعاشت بعد رسول الله ستة أشهر ) (1) .
    فقال التفتازاني :
    ( وأمّا توقّف عليّ ـ رضي الله عنه ـ في بيعة أبي بكر رضي الله عنه ، فيحمل على أنّه لما أصابه من الكآبة من الحزن بفقد رسول الله ، صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لم يتفرّغ للنظر والاجتهاد ، فلمّا نظر وظهر له الحقّ دخل فيما دخل فيه الجماعة ) .
    ولا أظنّ التفتازاني نفسه يرتضي هذا الحمل ، ولكنّه من ( ضيق الخناق ) !
    إنّه يقول هذا بالنسبة إلى ( عليّ ) . أمّا بالنسبة إلى غيره فيقول : ( إنّهم اشتغلوا بأمر الإمامة عن دفن الرّسول ) !!
    ولا يعرّض التفتازاني ـ ولا غيره ـ إلى الجواب عن إباء الزهراء الصدّيقة وامتناعها من البيعة لأبي بكر ، حتى أنّها توفّيت ولم تبايعه ، ولم يحملها بعلها على البيعة ، وهما يعلمان بأنّ : ( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهليّة ) !
    والزهراء ـ كما يعلم الجميع ـ بضعة الرّسول وروحه التي بن جنبيه ، من أغضبها فقد أغضبه ، كما في الأحاديث المتّفق عليها ، والتي لأجلها قال غير واحدٍ من أعلام السنّة بكونها أفضل من الشيخين (2) .
    ومن هنا يظهر الجواب عمّا جاء في كلام العضد وشارحه والتفتازاني وغيرهم
    ـــــــــــــــــ
    (1) صحيح البخاري . كتاب الخمس ، وفي باب غزوة خيبر . أخرجه هو مسلم في باب قوله (ص) : لا نورّث .
    (2) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 4 / 421 .

     

    الصفحة 25
    من : أنّه عليه السلام لو كان هو المنصوص عليه بالإمامة لما ترك محاجّة القوم ومخاصمتهم ، وإظهار النصّ عليه والتمسّك به (1).