قوله (363) :
( وبعد الأجوبة المفصّلة على الوجوه المذكورة نقول : هذه النصوص التي تمسّكوا بها في إمامة عليّ رضي الله عنه معارضة بالنصوص الدالة على إمامة أبي بكر ) .
أقول :
فيه : أوّلاً : لقد اعترف سابقاً ـ كغيره ـ بعدم النصّ الدال على إمامة أبي بكر ، فما دلّ على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام لا معارض له .
وثانياً : إنّ ما ذكره بعضهم نصّاً على إمامة أبي بكر فإنّما استند إلى أخبار طائفته ، ومن المعلوم عدم جواز الاحتجاج والمعارضة بما اختصّوا بروايته لعدم كونه حجةً عند الإمامية .
الصفحة 110
وثالثاً : مقتضى ما ذكره أنّه إذا أجيب عمّا جعل معارضاً لنصوص إمامة أمير المؤمنين عليه السلام وسقط الاستدلال به هو التسليم بتلك النصوص والالتزام بمفادها .
ورابعاً : أنّ جميع ما استدل به باطل كما سيتّضح .
قوله (363 ـ 364) :
( الأوّل : قوله تعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ) ) (1) .
أقول :
أوّلاً : لو كانت هذه الآية دالةً على خلافة أبي بكر لكانت خلافته مستندة إلى الله لقوله : ( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ ... ) لكن خلافة أبي بكر لم تكن بنصبٍ من الله ، بل الخلافة عند القوم ليست بنصبٍ منه بل من الناس ، فالآية ليست دليلاً على خلافته ، بل المراد غيره وغير أتباعه .
وثانياً : أنّه لو كان المراد من الآية أبو بكر لما طعن عليه عليّ كما سيأتي تسمية نفسه ( خليفة رسول الله ) لكونه كذباً على رسول الله ، لأنّه لم يستخلفه ، بل أنّ مذهب القوم أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم مات ولم يستخلف أحداً ، وهذا ما نصّ عليه عمر أيضاً فيما رووه عنه (2) .
وثالثاً : لقد قام الإجماع من أهل البيت عليهم السلام كما في ( مجمع البيان ) وغيره من التفاسير ـ على أنّ المراد من الآية هو الإمام المهدي عليه السلام وأنصاره وأتباعه ، وإجماع أهل البيت حجّة بالأدلة القاطعة .
قوله (364) :
( الثاني : قوله تعالى : ( قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ) ) (3) .
____________
(1) سورة النور : 55 .
(2) الملل والنحل 1 / 23 ، السيرة الحلبية 2 / 207 ، وغيرهما من المصادر .
(3) سورة الفتح : 16 .
____________
(1) سورة النور : 55 .
(2) الملل والنحل 1 / 23 ، السيرة الحلبية 2 / 207 ، وغيرهما من المصادر .
(3) سورة الفتح : 16 .
الصفحة 111
أقول :
قد تعرّض شيخنا أبو جعفر الطوسي المتوفّى سنة 460 لاستدلال القوم بهذه الآية وأجاب عنه بالتفضيل ، فليت الماتن لاحظ كلامه ولم يكرّر الاستدلال .
قال شيخنا رحمة الله بتفسير الآية : ( واستدل جماعة من المخالفين بهذه الآية على إمامة أبي بكر ، من حيث إنّ أبا بكر دعاهم إلى قتال بني حنيفة وعمر دعاهم إلى قتال فارس والروم ، وكانوا قد حرموا القتال مع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بدليل قوله : ( لَن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً ) .
وهذا الذي ذكروه غير صحيح من وجهين ، أحدهما : أنّه غلط في التاريخ ووقت نزول الآية . والثاني : إنّه غلط في التأويل . ونحن نبيّن فساد ذلك أجمع . ولنا في الكلام في تأويل الآية وجهان ، أحدهما : أن ينازع في اقتضائها داعياً يدعو هؤلاء المخلّفين غير النبيّ ، ويبيّن أنّ الداعي لهم فيما بعد كان النبيّ على ما حكيناه عن قتادة وسعيد بن جبير في أنّ الآية نزلت في أهل خيبر وكان النبيّ هو الداعي إلى ذلك .والآخر : أن يسلّم أنّ الداعي غيره ويبيّن أنه لم يكن أبا بكر ولا عمر ، بل كان أمير المؤمنين ... ) (1) هذا أوّلاً .
وثانياً : أنّه يمكن تسليم أنّ الداعي أبو بكر وعمر ، وأن يقال : ليس في الآية ما يدل على مدح الداعي ولا على إمامته ... (2) .
وثالثاً : أنّه يكشف عن عدم دلالة هذه الآية على ما قالوا : استدلال المحصّلين من علمائهم لإمامة أبي بكر من جهة الأخبار ، لا من جهة الآية ، وعمدتهم حديث الإقتداء الآتي .
ورابعاً : أنّ أحاديث القوم أنفسهم في تفسير الآية مختلفة ، وكذا أقوال مفسّريهم كما لا يخفى على من راجع (3) .
____________
(1) التبيان في تفسير القرآن 9 / 324 ـ 326 .
(2) التبيان في تفسير القرآن 9 / 326 .
(3) لاحظ الدر المنثور 6 / 72 .
____________
(1) التبيان في تفسير القرآن 9 / 324 ـ 326 .
(2) التبيان في تفسير القرآن 9 / 326 .
(3) لاحظ الدر المنثور 6 / 72 .
الصفحة 112
وخامساً : أنّ الذي فسّر الآية بأبي بكر وأنّ القوم المذكورين بنو حنيفة أصحاب مسيلمة هو محمّد بن شهاب الزهري . وهذا الرجل مقدوح جدّاً وقد كان من المبغضين لأمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، فلا يعتمد على قوله . لا سيّما في مثل المقام .
قوله (364) : ( الثالث : لو كانت إمامة أبي بكر باطلة لما كان أبو بكر معظّماً ممدوحاً عند الله ... ) .
أقول :
وفيه : أنّه أوّل الكلام .
قوله (364) : ( الرابع : كانت الصّحابة وعلي يقولون : يا خليفة رسول الله ... ) .
أقول :
أوّلاً : لا حجّية في قول الصحابة وفعلهم غير عليّ لعدم العصمة فيهم .
وثانياً : أنّ علياً عليه السلام لم يكن يرى أبا بكر خليفةً ، ولذا لم يبايع مدّة حياة فاطمة الزهراء عليها السلام ، وهي ستة أشهر ، ولا حملها على البيعة وقد ماتت ولم تبايع أبا بكر ، وهو يعلم بأنّ : ( مَن ماتَ ولم يعرف إمام زمانه ، ماتَ ميتةً جاهلية ) .
وثالثاً : لا نسلّم أنّ علياً عليه السلام كان يخاطب أبا بكر كذلك ، بل لقد روى المؤرّخون ، كابن قتيبة ، أنهّ لما أرسل أبو بكر قنفذاً مولاه إلى عليّ عليه السلام يدعوه : ( قال له عليّ : ما حاجتك ؟ فقال : يدعوك خليفة رسول الله ، فقال عليّ : لسريع ما كذّبتم على رسول الله !! ) .
ورابعاً : سلّمنا ، لكن هذا الخطاب ليس بأعلى من البيعة عن تقيّة ، فإنّه عليه السلام لمّا ماتت فاطمة الزهراء وانصرفت وجوه الناس عنه اضطر إلى البيعة ، ولو بقيت فاطمة لما بايع ولا بايعت .
قوله (364) :
الصفحة 113
( الخامس : لو كانت الإمامة حقّ عليّ ولم تُعنه الأمّة عليه ـ كما تزعمون ـ لكانوا شرّ الأمم ، لكنّهم خيرَ أمّة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، كما دلّ عليه نصّ القرآن ) .
أقول :
لقد دلّ حديث المنزلة على تنزيل عليّ عليه السلام بمنزلة هارون عليه السلام إلاّ في النبوّة ، ولا شكّ في أنّ هارون عليه السلام قد استضعفه القوم وكادوا يقتلونه كما دلّ عليه نصّ القرآن ، فكذلك عليّ عليه السلام ، ومن هنا خاطب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أهل بيته قائلاً : ( أنتم المستضعفون بعدي ) (1) ، وقالت أروى بنت الحارث بن عبد المطلب لمعاوية في كلام لها معه لمّا وفدت عليه : ( فوثبت علينا بعده بنو تيم وعدي وأميّة ، فابتزونا حقّنا ووليّتم علينا ، فكنا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون ، وكان عليّ بن أبي طالب بعد نبيّنا بمنزلة هارون من موسى ) (2) .
وأمّا أنّ الأمّة لم تعنه عليه فنعم ، لا بل غدرت به ، وقد أخبره النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك من قبل ، فقد روي عنه أنّه قال : ( إنّ ممّا عهد إليّ النبي أنّ الأمّة ستغدر بي بعده ) ، قال الحاكم بعد ما أخرجه : ( هذا حديث صحيح الإسناد ) (3) .
وحينئذٍ ، فلابدّ أن يكون معنى الآية الكريمة غير ما ذكر في الكتاب ، فراجع التفاسير .
قوله (364) :
( السادس : قوله عليه السلام : اقتدوا باللّذين من بعدي أبي بكر وعمر ، وأقل مراتب الأمر الجواز . قالت الشيعة : هذا خبر واحد . قلنا : ليس أقلّ من
ـــــــــــــــــ
(1) مسند أحمد بن حنبل 6 / 339 .
(2) تاريخ أبي الفداء 1 / 188 وغيره من التواريخ ، في أخبار معاوية .
(3) المستدرك 3 / 140 ، 142 ورواه غيره أيضاً .
ـــــــــــــــــ
(1) مسند أحمد بن حنبل 6 / 339 .
(2) تاريخ أبي الفداء 1 / 188 وغيره من التواريخ ، في أخبار معاوية .
(3) المستدرك 3 / 140 ، 142 ورواه غيره أيضاً .
الصفحة 114
خبر الطير والمنزلة ) .
أقول :
يعدّ هذا أقوى أدلّتهم دلالةً ، ولذا تراهم يهتمون به كثيراً ويستندون إليه قديماً وحديثاً ، حتى قال الحاكم النيسابوري : ( هذا حديث من أجلّ ما روي في فضائل الشيخين ) (1) ... ولكن ماذا نفعل وكبار أئمّتهم المحقّقين ينصّون على أنّه ( باطل ) و ( لا يصحّ ) و ( منكر ) و ( موضوع ) ؟!!
ذكر العلامة المناوي بشرحه : ( أعلّه أبو حاتم ، وقال البزّار كابن حزم : لا يصحّ ) (2) .
وقال الترمذي بعد أن أخرجه : ( هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود ، لا نعرفه إلاّ من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل ، ويحيى بن سلمة يضعّف في الحديث ) (3) .
وقال أبو جعفر العقيلي : ( حديث منكرٌ لا أصل له من حديث مالك ) (4) .
وقال أبو بكر النقاش : ( هوَ واهٍ ) (5) .
وقال الدار قطني : ( لا يثبت ) (6) .
وقال العبري الفرغاني : ( إنّ الحديث موضوع ) (7) .
وقال الذهبي ـ بعد أن أخرجه ـ مرةً ( هذا غلط ) (8) وأخرى : ( قال أبو بكر
ــــــــــــــ
(1) المستدرك 3 / 75 .
(2) فيض القدير 2 / 56 .
(3) صحيح الترمذي 5 / 672 .
(4) الضعفاء الكبير 4 / 95 .
(5) ميزان الاعتدال للذهبي 1 / 142 .
(6) لسان الميزان لابن حجر 5 / 337 .
(7) شرح المنهاج للبيضاوي ـ مخطوط .
(8) ميزان الاعتدال 1 / 105 .
ــــــــــــــ
(1) المستدرك 3 / 75 .
(2) فيض القدير 2 / 56 .
(3) صحيح الترمذي 5 / 672 .
(4) الضعفاء الكبير 4 / 95 .
(5) ميزان الاعتدال للذهبي 1 / 142 .
(6) لسان الميزان لابن حجر 5 / 337 .
(7) شرح المنهاج للبيضاوي ـ مخطوط .
(8) ميزان الاعتدال 1 / 105 .
الصفحة 115
النقّاش : هو واهٍ ) (1) وثالثةً : ( سنده واهٍ جداً ) (2) .
وقال الهيثمي : ( فيه من لم أعرفهم ) (3) .
وقال ابن حجر العسقلاني بكلّ ما قال الذهبي (4) .
وقال شيخ الإسلام الهروي : ( باطل ) (5) .
وأورد ابن درويش الحوت كلمات القوم ووافقهم (6) .
هذه طائفة من كلمات هؤلاء الأعلام الأثبات المرجوع إليهم عندهم في الجرح والتعديل ... حكموا كلّهم بسقوط هذا الحديث . والحقّ معهم ؛ فإنّ جميع أسانيده وطرقه ساقطة ... وقد حقّقت ذلك في رسالة مفردة (*) .
إذن ، لا نقول في الجواب : خبر واحدٍ ، بل نقول : موضوعٌ باطلٌ ، وأمّا خبر الطّير والمنزلة ، فإنّهما معتبران باعتراف علماء أهل السنّة .
قوله (365) :
( السابع قوله عليه السلام : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثمّ تصير ملكاً عَضوضاً ... وذلك دليل ظاهر على صحّة خلافة الخلفاء الأربعة ) .
أقول :
وهذا أيضاً من أدّلتهم المعتمدة عندهم ، وهو حديث غير معتبر وغير مشهور كما نصّ على ذلك غير واحدٍ منهم ، كابن تيميّة (7) ؛ وذلك لأنّه لم يروه إلاّ سفينة ولم
ــــــــــــــ
(1) ميزان الاعتدال 1 / 14 .
(2) تلخيص المستدرك 3 / 75 .
(3) مجمع الزوائد 9 / 53 .
(4) لسان الميزان 1 / 188 ، 1 / 272 ، 5 / 337 .
(5) الدر النضيد : 97 .
(6) أسنى المطالب : 48 .
* وهي مطبوعة في هذه المجموعة . [ انظر : ( إلفات نظر ) في ص327 ]
(7) منهاج السنة 2 / 223 .
ــــــــــــــ
(1) ميزان الاعتدال 1 / 14 .
(2) تلخيص المستدرك 3 / 75 .
(3) مجمع الزوائد 9 / 53 .
(4) لسان الميزان 1 / 188 ، 1 / 272 ، 5 / 337 .
(5) الدر النضيد : 97 .
(6) أسنى المطالب : 48 .
* وهي مطبوعة في هذه المجموعة . [ انظر : ( إلفات نظر ) في ص327 ]
(7) منهاج السنة 2 / 223 .
الصفحة 116
يخرجه إلاّ الترمذي وأبا داود (1) وأحمد (2) ، وليس الراوي عنه إلاّ : ( سعيد بن جمهان ) .
والكلام عليه أمّا سنداً : فإنّ سعيداً مقدوح مجروح ، قال أبو حاتم : ( يكتب حديثه ولا يحتجّ به ) ، وعن أحمد : ( أنّه سئل عنه فلم يرضه ، فقال : باطل . وغضب ) وقال الساجي : ( لا يُتابع على حديثه ) ، وقال ابن معين : ( روى عن سفينة أحاديث لا يرويها غيره ) ، وقال البخاري : ( في حديثه عجائب ) (3) .
وأمّا دلالةً : فإنّها تختلف في الكتاب التي ورد فيها ؛ لأنّ لفظه مختلف ولذا اختلف كلمات الشرّاح حوله .
ثم إنّه ظاهر في أنّ الخلافة تصير بعد الثلاثين ملكاً عَضوضاً إلى الأبد ، إلاً أنّهم يروون عن حذيفة أنّها تصير بعد الملك العاض ملكاً جبرية ثمّ تعود خلافةً على منهاج النبوّة ، وقد طبّق بعضهم هذا على عمر بن عبد العزيز (4) .
وهذا الحديث الأخير يدلّ على كون الخلفاء الراشدين عندهم خمسة ! لكنّ حديث (سفينة) الذي عند أبي داود فيه أنّ بعضهم كان لا يرى عليّاً من الخلفاء الراشدين !
وعلى الجملة فأحاديثهم في هذا الباب مختلفة ... إلاّ أنّ الذي يهوّن الخطب إعراض البخاري ومسلم عنها ، بل الذي أخرجاه هما وسائر أصحاب السنن والمسانيد هو : ( حديث الاثنا عشر خليفة ) ، وهذا هو المعتمد والمعتضِد بالأحاديث الكثيرة المعتبرة ، وهو لا ينطبق إلاّ على ما نذهب إليه من القول بالأئمّة الاثني عشر عليهم الصلاة ، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، وآخرهم المهديّ ، ومن هنا أورد أبو داود هذا الحديث في كتاب المهدي من سننه ، جاعلاً إيّاه
ـــــــــــــــــ
(1) لاحظ : جامع الأصول 4 / 440 .
(2) مسند أحمد 5 / 220 ، 221 .
(3) لاحظ : تهذيب التهذيب 4 / 13 .
(4) مسند أحمد 4 / 273 .
ـــــــــــــــــ
(1) لاحظ : جامع الأصول 4 / 440 .
(2) مسند أحمد 5 / 220 ، 221 .
(3) لاحظ : تهذيب التهذيب 4 / 13 .
(4) مسند أحمد 4 / 273 .
الصفحة 117
أوّل حديثٍ من أحاديثه .
ولمّا كان هذا الحديث معتبراً سنداً وتاماً دلالةً على الحقّ الذي نذهب إليه ، فقد حار الشرّاح في كيفيّة تطبيقه وبيان معناه ، ولم يتوصّلوا إلى معنى يلتئم مع ما يذهبون إليه ، فاضطرّوا إلى الاعتراف بالعجز ، ومنهم : القاضي عياض ، وابن الجوزي ، وابن العربي المالكي ، وابن حجر العسقلاني ...
نعم ، التجأ بعضهم إلى المعارضة بينه وبين حديث (سفينة) . لكن عرفت عدم تمامية حديث (سفينة) ، لا سنداً ولا دلالةً ، والمعارضة فرع الحجّية .
وبالجملة : فحديث سفينة ساقطٌ . والمعتمد ما اتّفق الشيخان وغيرهما على إخراجه (1) .
قوله (365) :
( الثامن : أنّه صلّى الله عليه وسلّم استخلف أبا بكر في الصلاة ... )
أقول :
قد عرفت واقع الحال في هذه الصلاة . ولا يخفى أنّ الماتن لم يدّع إلاّ الاستخلاف ، لكن الشارح أضاف بعده ( واقتدى به ) وهذا أكذب من ذاك ، وقد بيّنا ذلك كلّه سابقاً ببعض التفصيل ولنا في المسألة رسالة مفردة مطبوعة * .