Rss Feed

  1. قال (283) : ( ومنها : أنّه منع متعة النكاح ... ومتعة الحجّ ... والجواب ) .
    أقول :
    لم ينكر أصل تحريم المتعتين كما فعل بعضهم مكابرةً ... قال عمر : ( متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ) رواه : الطحاوي في شرح معاني الآثار 374 ، والبيهقي في سننه 7 / 206 ، وابن رشد في البداية 1 / 346 ، والرازي في تفسيره 2 / 167 ، وابن حزم في المحلّى 7 / 107 ، والجصّاص في أحكام القرآن 1 / 279 ، والقرطبي في تفسيره 2 / 370 ، وابن قدامة في المغني 7 / 527 ، وابن القيّم في زاد المعاد 2 /  205 ، والسرخسي في المبسوط 5 / 153 ، وابن خلّكان في الوفيات 5 / 197 ، والسيّوطي في الدرّ المنثور 2 / 141 ، والمتّقي في كنز العمّال 8 / 293 .
    فعمر ينسب التحريم إلى نفسه ويتوعّد المخالف ، فلا يدّعي النّسخ في حياة النبيّ ، ولا قيام الدليل عنده على ذلك ، فهو ليس إلاّ بدعة أو اجتهاداً في مقابل النصّ ، وكلاهما محرّم قطعاً ، فهذا جواب قوله : ( إنّ هذه مسائل اجتهادية ) وقوله : ومعنى أحرمهنّ : أحكم بحرمتهنّ وأعتقد ذلك لقيام الدليل كما يقال : حرّم المثلّث الشّافعي وأباحه أبو حنيفة ) .
    وأمّا قوله : ( وقد ثبت نسخ إباحة متعة النساء بالآثار المشهورة ، إجماعاً من الصّحابة على ما روى محمّد بن الحنفية عن عليّ : أنّ منادي رسول الله نادى يوم

    الصفحة 235
    خيبر ... ) . ففيه :
    أوّلاً : ثبوت النسخ موقوف على دليل قاطع وهو غير موجود ولا أثر مشهور بذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ولو كان لما كان الاختلاف بين الصحابة وعامة المسلمين حتّى اليوم .
    وثانياً : قد اشتهر القول بحلّية المتعة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن أمير المؤمنين عليه السّلام وأهل البيت وابن عبّاس ، وجماعة من الصحابة ، منهم : ابن مسعود وجابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وسلمة بن أميّة ومعبد بن أميّة وعمرو بن حريث ومعاوية وأسماء بنت أبي بكر ، ورواه جابر عن جميع الصحابة مدّة رسول الله ومدّة أبي بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر . وعليه من التابعين : طاووس وعطاء وسعيد بن جبير وسائر فقهاء مكّة أعزّها الله (1) ، وذكر القرطبي من الصّحابة عمران بن حصين وأضاف عن ابن عبد البر : ( أصحاب ابن عبّاس من أهل مكّة واليمن كلّهم يرون المتعة حلالاً على مذهب ابن عبّاس ) (2) ، ومن أشهرهم الإمام ابن جريج المكّي المتوفّى سنة 149 وهو فقيه كبير ومحدّث ثقة من رجال الصحيحين ، فقد ذكروا بترجمته أنه تزوّج من تسعين امرأة بنكاح المتعة .
    وثالثاً : الخبر الذي ذكره عن محمّد بن الحنفية عن أبيه كذب من وجوه :
    الأوّل : أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان على رأس المنكرين لتحريم نكاح المتعة .
    والثاني : أنّه معارض بما وضعوه على لسانه بنفس السند وأنّ التحريم كان
    ــــــــــــــــــ
    (1) المحلّى 9 / 519 .
    (2) تفسير القرطبي 5 / 133 .

    الصفحة 236
    يوم حنين (1) ، وآخر أنّه كان في غزوة تبوك (2) ، وثالث أنّه كان في حجّة الوداع (3) .
    والثالث : أنّه قد روي هذا الحديث بنفس السند ولم يذكر في إلاّ تحريم الحُمر الإنسية في يوم خيبر (4) .
    والرابع : أنّ تحريم متعة النساء يوم خيبر ( شيء لا يعرفه أحد من أهل السّير ورواة الأثر ) كما نصّ عليه كبار الأئمّة كالسهيلي وابن عبد البر والبيهقي وابن حجر والقسطلاني وابن القيّم والعيني وابن كثير (5) .
    والخامس : أنّ الرّاوي للخبر عن ( محمّد بن الحنفية ) هو ( محمّد بن شهاب الزهري ) وهو من الوضّاعين على أهل البيت .
    وأمّا دعوى رجوع ابن عبّاس عن قوله في المتعة فمن أعاجيب الأكاذيب أيضاً . فقد عرفت مذهب ابن عبّاس وأنّ فقهاء مكّة واليمن على مذهبه ، بل في صحيح مسلم باب نكاح المتعة : أنّه كان يفتي بها في حكومة عبد الله بن الزبير بمكّة وأن ابن الزبير هدّده بالرّجم ... وقال ابن حجر العسقلاني : ( روي عنه الرجوع بأسانيد ضعيفة ) (6) ، وقال ابن كثير : ( ما رجع ابن عباس عمّا كان يذهب إليه من إباحتها ) (7) .
    فالعجب من السّعد ؟ إن كان روى حديثاً ورأى محدّثاً فما هذه الأباطيل ؟ وإلاّ فلماذا الدخول في هذه التفاصيل ؟
    ــــــــــــــــــ
    (1) سنن النسائي 6 / 126 .
    (2) المنهاج في شرح مسلم هامش القسطلاني 6 / 130 .
    (3) مجمع الزوائد 4 / 265 .
    (4) عمدة القاري شرح البخاري ـ كتاب المتعة .
    (5) لاحظ : زاد المعاد 2 / 184 تاريخ ابن كثير 4 / 193 فتح الباري 9 / 138 عمدة القاري 17 / 246 إرشاد الساري 6 / 536 .
    (6) فتح الباري 9 / 139 .
    (7) تاريخ ابن كثير 4 / 193 .

    الصفحة 237
    هذا وقد حققنا الموضوع في رسالة منفردة مطبوعة *