قد تعرّض بعد الفراغ عن المقاصد لوجوب الكفّ عن ذكر الصحابة إلاّ بخير ، فذكر أحاديث في فضلهم ، ثمّ قال : (وما وقع بينهم من المنازعات والمحاربات فله محامل وتأويلات ... وإنّما اختلفوا في يزيد بن معاوية ... فنحن لا نتوقّف في شأنه بل في إيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه ) .
الصفحة 325
أقول :
هنا مطالب :
الأوّل : الأحاديث التي يروونها في مدح الصحابة قاطبةً ، إن صحّت على أصولهم ، فهي أحاديث تفرّدوا بها ، وفي قِبالها أحاديث صحيحة عندهم ، كأحاديث الحوض ونحوها وهي صريحة في ارتداد الصحابة بعد رسول الله إلاّ ( مثل همل النعم ) (1) ، على أنّ تلك الأحاديث المادحة على العموم والإطلاق منافية لصريح القرآن الكريم بوجود المنافقين حوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وكلّما عارض الكتاب فهو ساقط .
الثاني : حمله المنازعات والمحاربات على المحامل والتأويلات ، ينافيه كلامه في ( شرح المقاصد ) الصريح في أنّ تلك القضايا تدلّ على أنّ بعض الصحابة قد حاد عن طريق الحق وبلغ حدّ الظلم والفسق ، وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد وطلب الملك والرياسة والميل إلى اللذات والشهوات . ( قال ) : ( إذ ليس كلّ صحابي معصوماً ولا كلّ من لقي النبي بالخير موسوماً ) .
والثالث : إنّه قد تعرّض هنا ـ وفي ( شرح المقاصد ) ـ إلى قضيّة لعن يزيد بن معاوية ، وذكر منع بعضهم عن لعنه ، ثمّ نصّ في كلا الموضعين على لعنه ... إلاّ أنّه ذكر هناك السبب في منع من منع ، فراجعه .
هذا تمام الكلام فيما أردنا تعليقه على ( شرح النسفيّة ) ونسأله تعالى أن يصلّي الله على أشرف خلقه محمّد وأهل بيته ، وأن يحشرنا معهم بفضله ورحمته ، إنّه سميع مجيب .
ـــــــــــــــــ
(1) هذه الأحاديث قطعيّة الصدور موجودة في الصحيحين وغيرهما من الصحاح وفي مسند أحمد وتفسير الطبري وغيره من التفاسير . واللفظ المذكور في صحيح البخاري ، كتاب الرقاق بابٌ في الحوض .
الصفحة 326