Rss Feed

  1. وقوله : وأين مثل أبي بكر ... ) .
    أقول :
    هذا الحديث كسابقه ، وممّا يؤكّد بطلانه اشتماله على أن أبا بكر أوّل من أسلم ، وهذا كذب ، فإنّ أوّل من أسلم أمير المؤمنين عليّ عليه السلام كما نصّ عليه غير واحد ودلّت عليه الأخبار والآثار .
    أيضاً : اشتماله على أنّه كان ذا مال . وقد نصّ السّعد على كونه ( عديم المال ) 260 .
    وأيضاً : اشتماله على أنّه كان ينفق على النبيّ بماله ، فإنّ هذا كذب قطعاً ، ولذا اضطرّ مثل ابن تيمية إلى تأويله ، فقال : ( إنّ إنفاق أبي بكر لم يكن نفقةً على النبيّ في طعامه وكسوته ، فإنّ الله قد أغنى رسوله عن مال الخلق أجمعين ، بل كان معونة له على إقامة الدين ، فكان إنفاقه فيما يحبّه الله ورسوله ، لا نفقة على نفس الرسول ) (4) ، ولو تمّ هذا التأويل لم يبق فرق بين أبي بكر وسائر الصحابة الذين كانوا ينفقون أموالهم في سبيل إقامة الدين ، فأين الأفضلية ؟!
    وقبل هذا كله ، فالحديث قد أورده الحافظ ابن عرّاق المتوفّى سنة 963 في
    ـــــــــــــــــ
    (1) لاحظ الكلمات بترجمته من تهذيب التهذيب 1 / 312 .
    (2) كنز العمال 6 / 140 .
    (3) تنزيه الشريعة 1 / 392 .
    (4) منهاج السنّة 4 / 289 .


    الصفحة 256

    الأخبار الشنيعة الموضوعة (1) والحافظ السيوطي في الأحاديث الموضوعة (2) .
    قال (293) :
    ( وقوله لأبي الدرداء حين كان يمشي أمام أبي بكر ... ) .
    أقول :
    هذا الحديث ـ حتى لو كان صحيحاً عندهم ـ ليس بحجّة علينا ، لكونه ـ كغيره ـ من طرقهم فقط ، فكيف ورواته كذّابون مدلّسون بشهادة كبار علمائهم ؟ وهذه عبارة الحافظ الهيثمي المتوفّى سنة 807 :
    ( عن جابر بن عبد الله قال : رأي رسول الله أبا الدرداء يمشي بين يدي أبي بكر . فقال : يا أبا الدرداء تمشي قدّام رجلٍ لم تطلع الشمس بعد النّبيين على رجل أفضل منه ، فما رؤي أبو الدرداء بعد يمشي إلاّ خلف أبي بكر . رواه الطبراني في الأوسط وفيه : إسماعيل بن يحيى التيمي وهو كذّاب .
    وعن أبي الدرداء قال : رآني رسول الله وأنا أمشي أمام أبو بكر فقال : لا تمش أمام من هو خير منك ، إنّ أبا بكر خير من طلعت عليه الشمس ، أو غربت . رواه الطبراني وفيه : بقيّة ، وهو مدلّس ) (3) .
    وإذا بطل الحديث من أصله فلا موضوع لما ذكره السّعد في معناه .