قوله ( 345 ) : ( ولابدّ من تعريفها أوّلاً ) .
أقول : إنّ ( الإمام ) هو المؤتّمّ به ، أي المُتبَّع والمُقتَدى ، قال تعالى لإبراهيم عليه السلام : ( قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ) ، وأمّا تعريف الإمامة فالظاهر أنّ لا خلاف فيه .
قال العلاّمة الحلّي رحمه الله بتعريف الإمامة : ( الإمامة رياسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخصٍ من الأشخاص نيابةً عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ) . وقال المقداد السُّيوري رحمه الله بشرحه : ( الإمامة رياسة عامّة في أمور الدين والدنيا لشخصٍ إنساني . فالرياسة جنس قريب ، والجنس البعيد هو النسبة ، وكونها عامّة فصل يفصلها عن ولاية القضاة والنوّاب ، وفي أمور الدين والدنيا بيان لمتعلّقها ، فإنّها كما تكون في الدين فكذا في الدنيا ، وكونها لشخص إنساني فيه إشارة إلى أمرين :
أحدهما : أنّ مستحقّها يكون شخصاً معيّناً معهوداً من الله تعالى ورسوله ،
الصفحة 45
لا أيّ شخص اتّفق .
وثانيهما : إنّه لا يجوز أن يكون مستحقّها أكثر من واحد في عصر واحد . وزاد بعض الفضلاء في التعريف بحقّ الأصالة ، وقال في تعريفها : الإمامة رياسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص إنساني بحق الأصالة . واحترز بهذا عن نائب يفوّض إليه الإمام عموم الولاية ، فإنّ رياسته عامة لكن ليست بالأصالة . والحقّ : أنّ ذلك يخرج بقيد العموم ، فإنّ النائب المذكور لا رياسة له على إمامه ، فلا يكون رياسته عامّة .
ومع ذلك كلّه فالتعريف ينطبق على النبوّة ، فحينئذٍ يزاد فيه : بحقّ النيابة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أو بواسطة بشر ) (1) .