Rss Feed

  1. قال (291) :
     ( لنا : إجمالاً : أنّ جمهور عظماء الملّة وعلماء الأمّة أطبقوا على ذلك ، وحسن الظنّ بهم يقضي بأنّهم لو لم يعرفوه بدلائل وأمارات لما أطبقوا عليه ) .
    أقول ، وفيه :
     أوّلاً : أنّه لو سلّم إطباق الجمهور ، ففي القرآن الكريم ذمّ الأكثر في موارد كثيرة .
    وثانياً : أنّ القائلين بالخلاف وإن كانوا أقل عدداً لكنّهم رجال عظماء قد وردت في حقّهم الأحاديث المعتبرة المتّفق عليها ... كما ستعرفهم .
    وثالثاً : أنّ مبني اعتبار قول الجمهور ليس إلاّ حسن الظنّ بهم كما ذكر ، فإذا وجدناهم في كثيرٍ من الأمور على ضلالة وهم لا يعقلون زال حسن الظنّ ...
    ورابعاً : لو سلّم أنّ حسن الظنّ بهم يقضي بأنّهم لو لم يعرفوه بدلائل وأمارات ... فإنّ الدلائل والأمارات المزعومة أو المتوهمّة ليست إلاّ ما سيذكره هو تفصيلاً ، وإذا عرفنا سقوطها عن الدليليّة وعن كونها أمارة لم يبقَ مجال للاعتماد على إطباقهم ...
    فننظر في تلك الدلائل والأمارات :
    قال (291) :
    وتفصيلاً : الكتاب والسنّة والأثر والأمارات .
    أمّا الكتاب فقوله تعالى : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ) ... ) .

    الصفحة 251
    أقول :
    لم يذكر من الكتاب دليلاً على أفضليّة أبي بكر إلاّ هذه الآية ، ولو كان غيرها لذكر ... وتماميّة الاستدلال هذا موقوف على صحّة القول بنزولها في أبي بكر ، وفيه :
    أوّلاً : أنّه محلّ خلاف بين أهل السنّة أنفسهم ، فمنهم من حمل الآية إلى العموم ، ومنهم من قال بنزولها في قصّة أبي الدّحداح وصاحب النخلة (1) ومن هنا نسب القول بذلك في ( المواقف ) إلى أكثر المفسّرين .
    وثانياً : إنّ القول بنزول الآية في أبي بكر إنّما هو منقول عن آل الزبير ، وانحراف هؤلاء عن أمير المؤمنين عليه السلام معروف .
    وثالثاً : إنّ سند الخبر عن ابن الزبير غير معتبر ؛ قال الحافظ الهيثمي : ( وعن عبد الله بن الزبير ، قال : نزلت في أبي بكر الصّديق : ( َمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى * إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى ) ، رواه الطبراني وفيه : مصعب بن ثابت . وفيه ضعف ) (2) .
    وقوله : ( وليس المراد به عليّاً ... ) قد تبع فيه شيخه العضد وهو ـ كما قلنا في جوابه ـ خلط في المعنى ، فإنّ الضمير في ( عنده ) يرجع إلى المنعم ، والمعنى : أنّ ( الأتقى ) موصوف بكونه ليس لأحدٍ من المنعمين عليهم عند المنعم يد النعمة ، يكون الإنعام منه من باب الجزاء ، فعليّ عليه السلام كان في تصدّقه بخاتمه على السائل في حال الركوع كذلك في إطعام اليتيم والمسكين والأسير حيث نزلت سورة هل أتى ، فلم تكن لهم عليه يد النعمة . وأين هذا من المعنى الذي ذكر ؟
    قال ( 292) :