وبما ذكرنا يظهر رأي الإمام عليه السلام في خلافة من تقدّمه وموقفه منهم ... وأنّه ما كان بإمكانه من أن يتخّذ موقفاً تجاههم ... فقول بعض أهل السنّة المعاصرين (1) :
( لو أنّ علياً ـ كرّم الله وجهه ـ اتخذ يوم السقيفة موقفاً مستقلاً ، اتخذ يوم استخلاف أبي بكر لعمر موقفاً مستقلاً ، أو يوم الشورى التي بويع على أعقابها لعثمان موقفاً مستقلاً ، إذن لتركنا كلّ نهج ، واتّبعنا نهج عليّ . آية هذا الاعتقاد : أنّ علياً لمّا اتخذ موقفاً صريحاً أمام أيام الفتنة من معاوية اتّجه جمهور المسلمين إلى ما اتّجه إليه عليّ ) . تجاهل عن الواقع ، وقد سبقه إلى هذا القول جماعة من أعلام المعتزلة .
يقول ابن أبي الحديد : ( وقد صرّح شيخنا أبو القاسم البلخي بهذا ، وصرّح به تلامذته ، وقالوا : لو نازع عقيب وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وسلّ سيفه ، لحكمنا بهلاك كلّ من خالفه وتقدّم عليه ، كما حكمنا بهلاك من نازعه حين أظهر نفسه ، ولكنّه مالك الأمر وصاحب الخلافة ، إذا طلبها وجب علينا القول بتفسيق من ينازعه فيها ، وإذا أمسك عنها وجب علينا القول بعدالة من أغضى له عليها ) قال ابن أبي الحديد : ( وهذا المذهب هو أعدل المذاهب عندي وبه أقول ) (2) . وهذا عجيب للغاية !
يقولون : ( لو نازع ... )
ـــــــــــــــــ
(1) هو الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الشامي .
(2) شرح نهج البلاغة 2 / 296 .
ـــــــــــــــــ
(1) هو الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الشامي .
(2) شرح نهج البلاغة 2 / 296 .
الصفحة 31
وتقول الأحاديث الصحيحة : كان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلمّا توفّيت انصرفت وجوه الناس عنه ، وعند ذاك بايع أبا بكر !
ويقول هو : ( وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء أو أصبر ... ) ويقول : ( فنظرت فإذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي ، فَضننتُ بهم عن الموت ... ) .
ويقولون : أمسك !
يقول : صبرت ...
ويقولون : ضحّى ، تنازل ، أغضى ... !