Rss Feed

  1. أقول : إنّ الأدلّة العقليّة على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام والنصوص الدالّة عليها من الكتاب والسنّة كثيرة جداً ... وقد أوردها أصحابنا الإمامية في كتبهم الكلاميّة عن الفريقين ... وإن الذي تعرّض له السّعد في كتابه لشيء يسير منها ، وقد يكون بعض ما لم يذكر أقوى سنداً ودلالة من بعض ما ذكر ... وعلى كلّ حال فإنّنا نتكلّم على ما جاء به في الجواب عن كلّ واحد من الوجوه التي تعرّض لها ، مقتصرين على كلامه ، مستندين إلى كتب أعلام مذهبه في إبطال مرامه ...
    وقد ذكر قبل الورود في البحث أمرين :
    أحدهما : أنّ الشيعة بإثباتهم إمامة عليّ عليه السلام يقدحون فيمن عداه من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؛ لأنّ معنى ذلك أن يكون قد خفيت تلك الأدلّة على الكبار من الأنصار والمهاجرين .
    والثاني : أنّ الشيعة يدّعون في كثير من الأخبار الواردة في هذا الباب التواتر .
    ثمّ قال : ( ومن العجائب أنّ بعض المتأخّرين من المتشيِّعين الذين لم يروا أحداً من المحدّثين ، ولا رووا حديثاً في أمر الدّين ملأوا كتبهم من أمثال هذه الأخبار المطاعن ، في الصحابة الأخيار ، وإن شئت فانظر في كتاب التجريد

    الصفحة 200
    المنسوب إلى الحكيم نصير الطوسي ، كيف نصر الأباطيل ، وقرّر الأكاذيب ... ) .
    أقول :
    أمّا القدح والطّعن في الصّحابة فنحن لسنا بصدد ذلك ، لكنّ البحث ـ لأجل إثبات أمر أو دفعه ـ قد ينجّر إلى ذكر أمور تؤدّي إلى الطعن والقدح ، لا في كلّ الصّحابة وإنّما في بعضهم ... ولذا اضطّر السّعد نفسه في أواخر الكتاب إلى الإشارة إلى بعض ما كان من الصّحابة ثمّ الاعتراف بأنّه : ( ليس كلّ صحابي معصوماً ولا كلّ من لقي النبي بالخير موسوماً ) 311 . نحن قد أوردنا سابقاً عن حال الصّحابة جملاً عن الكتاب والسنّة .
    وأمّا الأخبار الواردة في هذا الباب فإنّها متواترةً قطعاً ، لا سيّما الوارد منها من طرقنا ... وتلك كتبنا تشهد بذلك ، بل لقد أقرّ غير واحد من علماء طائفته بتواتر بعض ما يحتجّ به أصحابنا ـ كما سترى ـ لكنّ السّعد يجهل ذلك كلّه أو يتجاهله ...
    وأمّا ذكره المحقّق العظيم الجامع بين العلوم العقلية والنقلية نصير الدين الطوسي وكتابه ( تجريد الاعتقاد ) بما ذكره ، فعدول عن النظر والحِجاج إلى القذف والسباب والافتراء ، أو استعمال طريقة جهّال العامّة في التشنيع على المذاهب وسبّ أهلها ، وقلّما يستعمل ذلك إلاّ عند نفاد الحجّة وقلّة الحيلة ... وكذلك حال السّعد في هذا الكتاب ، كما سترى أجوبته عمّا ذكره من الدليل والنصّ في هذا الباب .