Rss Feed

  1. أنّه قد عرفت أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لا يقاس به أحد من الأوّلين والآخرين ، عدا رسول ربّ العالمين صلّى الله عليه وآله وسلّم ؛ فإنّه كان معصوماً جامعاً لجميع صفات الكمال النفسانية والبدنية والخارجية ... وعلى

    الصفحة 141
    رأسها العلم والتقوى ، إذ كان أعلم الأمة وأتقاها بلا خلاف بين المسلمين ... وأما كمالاته وصفاته البدنية فقد استخدمها في تثبت الدين والدعوة إليه والدفاع عنه وعن رسوله ، فما خذل النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في يوم من الأيام ، وما ادّخر جهداً في حفظه ، وفي النكاية من عدوه ، وفي أعلاء كلمة الإسلام .
    وكلّ ذلك ـ بغض النظر عن النصوص ـ مستلزم لأن يكون الإمام بعد النبيّ عليه السلام ... ليستمر الأمر على يده كما كان في عهده .
    وأمّا أبو بكر ، فما كان له شيء من تلك الصفات كما يعترف بذلك العلماء من أتباعه ، كما يعترفون بعدم النصّ عليه من الله ورسوله ... نعم ، هناك في بعض كتبهم : أنّ أبا بكر لمّا أسلم اشتغل بالدعوة إلى الإسلام فأسلم على يده فلان وفلان ... وهذا لو ثبت لم يدلّ على شيء له ، إذ كان هذا شأن كلّ واحد من الصحابة ... ثمّ إنّ جهودهم  كلّهم لو وضعت في كفّة ووضعت جهود علي في كفّة ، لرجحت كفّته ، بل إنّ ( ضربة عليّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين ) ، كما في الحديث الصحيح الثابت المعترف به في الكتاب أيضاً .
    فظهر : أنّ أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام بعد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أمر ثابت ، وليس لغيره فضيلة ثابتة سنداً ، تامّة دلالة ؛ كي يتوهّم وقوع التعارض .
    وعلى هذا يسقط قوله : (372) :
    والجواب عن الكلّ : إنّه يدلّ على الفضيلة وأمّا الأفضلية فلا ... ) .
    وقوله :
    واعلم أنّ مسألة الأفضلية لا مطمح فيها في الجزم واليقين ... ) .
    فإنّ الأفضلية ثابتة بالقطع واليقين ، ولا أثر بعد عين !
    وقوله :
    وليست هذه المسألة مسألة يتعلّق بها عمل فيكتفى فيها بالظنّ ، بل هي مسألة علمية يطلب فيها اليقين )
     

    الصفحة 142
    فإنّ اليقين حاصل .
    وقوله :
    ( والنصوص المذكورة من الطرفين بعد التعارض لا تفيد القطع ... ) .
    فإنّ التعارض فرع الحجّية ، ولم يتمّ شيء من أدلّة القول بأفضلية أبي بكر وإمامته ( كما لا يخفى على المنصف ) ، فدعوى التعارض ساقطة ، والتشكيك في إفادة أدلّة إمامة أمير المؤمنين عليه السلام للقطع مردود ؛ فإنّه حتى الآحاد منها تفيد القطع ، لأنّها أحاديث متّفق عليها بين الفريقين ... فأمير المؤمنين عليه السلام هو أفضل الأمّة ، والأفضل هو المتعيّن للإمامة كما ستعرف .
    قوله :
     ( ولكنّا وجدنا السلف قالوا ... ) .
    أقول :
    أوّلاً : السلف لم يقولوا كذلك ، فإنّهم اختلفوا ، منهم من فضّل أمير المؤمنين عليه السلام على أبي بكر وعمر وعثمان ، ومنهم من فضّله على عثمان ، ومنهم من توقّف ... فلاحظ كتب تراجم الصحابة وفضائلهم ، ولو سّلمنا أنّ السلف قالوا كذلك ، فما الدليل على حجّية قولهم ؟
    نعم ، يبقى شيء واحد ، وهو قوله :
    ( وحسن ظنّنا بهم ... )
    وفيه :
     أوّلاً : لا دليل على حسن الظن هذا .
    وثانياً : سلّمنا ، لكن ترفع اليد عنه إذا قام الدليل على خلافه .
    وقوله :
    ( وتفويض ما هو الحقّ فيه إلى الله ) .
    ظاهر في عدم جزمه بالمطلب ، وكذلك بعض كلماته السابقة على هذه الجملة . وكذلك الشارح ؛ ولعلّه لذا اضطر إلى زيادة وجه آخر معتمداً فيه على الآمدي الذي عرفته سابقاً !!