Rss Feed

  1. منها : نزول الآيات من القرآن الكريم في ذلك اليوم :
    قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ

    الصفحة 210
    فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) نزلت قبل خطبة النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم (1) .
    وقوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) نزلت بعد الخطبة الشريفة (2) .
    وقوله تعالى : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِع * لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ) ، نزلت في قضية الرجل الذي جاء إلى النّبي بعد الخطبة قائلاً : ( يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إلاّ الله وأنّك رسول الله ، فقبلناه منك . وأمرتنا أن نصلّي خمساً ، فقبلناه منك . وأمرتنا بالزكاة فقبلناه . وأمرتنا أن نصوم شهر رمضان فقبلناه منك ، وأمرتنا بالحجّ فقبلناه . ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمّك ففضّلته علينا وقلت : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه . فهذا شيء منك أم من الله عزّ وجلّ ؟ فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : والذي لا إله إلاّ هو إن هذا من الله .
    فولّى الرّجل قائلاً : اللّهمّ إن كان ما يقوله محمّد حقّاً ، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذابٍ أليم .
    فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجرٍ ، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله . فأنزل الله تعالى ذلك ) (3) .
    ومنها : شعر حسّان بن ثابت في ذلك اليوم بإذنٍ من النبيّ ومشهدٍ من الصّحابة ... وفيه :
    ــــــــــــــــــ
    (1) روى نزولها : ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر وأبو نعيم والثعلبي والواحدي والعيني والسيوطي وغيرهم ، لاحظ : الدر المنثور 2 / 298 ، أسباب النزول : 115 ، الفخر الرازي 12 / 49 وغيرها .
    (2) روى نزولها : ابن مردويه وأبو نعيم وابن المغازلي والخطيب الخوارزمي و ...
    (3) روى ذلك : الثعلبي والسمهودي والمنّاوي والحلبي وجماعة آخرون .

    الصفحة 211
    ( فقال له قم يا علي فإنّني رضيتك من بعدي إماماً وهادياً ) (1) .
    ومنها : مناشدة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام الناس عن حديث الغدير (2) .
    ومنها : مناشدة الزهراء عليها السلام واحتجاجها بالحديث (3) .
    ومنها : بعض ألفاظ الحديث : كقوله : ( يا أيّها الناس من وليّكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ـ ثلاثاً . ثمّ أخذ بيد عليّ فقال : مَن كان الله ورسوله وليّه ، فهذا وليّه . اللّهمّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه ) (4) .
    فلو كان المراد من ( المولى ) هو ( المحبّ والناصر ) لما قال الأصحاب في الجواب : ( الله ورسوله أعلم ) .
    وكقوله : ( إنّ الله ولييّ وأنا وليُّ كلّ مؤمنٍ ، مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه ) (5) .
    وكقوله : ( أيّها الناس إنّي ولّيكم ؟ قالوا : صدقت ، فرفع يد عليّ فقال : هذا وليّي المؤدّي عنّي ، وإنّ الله موالٍ من والاه ومعادٍ من عاداه )(6) فإنّ ( المؤدّي عنّي ) قرينة على أنّ ( الولاية ) هي الأولوية ، وعلى أنّ الدعاء جاء في حقّ من قبل ولايته وأطاعه فيما يؤدّيه ، وعلى من لم يقبل ولايته ولم يطع أوامره ونواهيه الإلهية ...
    وكقوله : ( مَن كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه ، اللّهمّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه ) (7) .
    ــــــــــــــــــ
    (1) روى ذلك : ابن مردويه وأبو نعيم والخوارزمي وسبط ابن الجوزي والسيوطي وآخرون .
    (2) روى ذلك من أكابر الحفاظ : عبد الرزّاق وأحمد والبزّار والنسائي وأبو يعلى والطبراني والخطيب وابن الأثير وابن كثير والسيوطي وغيرهم .
    (3) أسنى المطالب للحافظ ابن الجزري .
    (4) الخصائص : 101 .
    (5) كنز العمّال : 12 / 207 .
    (6) الخصائص 100 ، تاريخ ابن كثير 5 / 212 .
    (7) المعجم الكبير 5 / 186 .

    الصفحة 212
    ومنها : شهادة صحابة مشهورين بولاية أمير المؤمنين عليها السلام وإمامته استناداً إلى حديث الغدير ... فإنّهم دخلوا عليه فقالوا : ( السلام عليك يا مولانا . قال : وكيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ؟! قالوا : سمعنا رسول الله يقول : من كنت مولاه فهذا مولاه (1) .
    ومنها : تهنئة الشيخين وسائر الصحابة أمير المؤمنين عليه السلام قائلين : ( أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة ) (2) .
    ومنها : استنكار بعض الصحابة هذا الكلام (3) فلو كان بمعنى ( الناصر والمحبّ ) لما استنكر .
    ومنها : تمنّي بعض الصحابة ورود هذا الكلام في حقّه (4) .
    إلى غير ذلك من الوجوه ... فهل يبقى مجال بالنظر إلى كلّ ذلك لاحتمال ـ أو دعوى ـ إشعار مؤخّر الحديث بأنّ المراد بالمولى هو الناصر والمحبّ ؟! وهل يعقل أن يكون ذلك الاهتمام الذي كان من النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لمجرّد بيان كون عليّ عليه السلام محبّاً وناصراً لمن كان النبيّ محبّاً وناصراً له ؟!
    ثمّ أيّ منافاة بين هذه الجملة وجملة ( مَن كنت مولاه ) لتكون مشعرة بما يدعيه السّعد ؟ بل إنّها أيضاً من مؤكّدات الدلالة على الأولوية ؛ لأنّه لو كان صلّى الله عليه وآله وسلّم قد قال : ( من كانت طاعتي مفترضة عليه فطاعة عليّ عليه مفترضة ، أللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ) لكان كلاماً صحيحاً لا تهافت فيه . ومن هنا ترى أنّ بعض حفّاظهم المحقّقين ـ كمحبّ الدين الطبري المتوفّى
    ــــــــــــــــــ
    (1) مسند أحمد 5 / 419 ، الرياض النضرة 2 / 222 ، تاريخ ابن كثير 7 / 347 ، المرقاة في شرح المشكاة 5 / 574 .
    (2) رواه جماعة من كبار المحدّثين ، منهم أبو بكر ابن أبي شيبة ، كنز العمّال 13 / 134 .
    (3) مسند أحمد 4 / 370 ، الخصائص 100 ، ابن كثير 7 / 346 .
    (4) رواه ابن ماجة 1 / 45 عن سعد بن أبي وقاص .

    الصفحة 213
    سنة 694 ـ يستبعد ما ادّعاه السعّد من المعنى (1) ، بل إنّ بعض مؤلّفيهم المتعصّبين يكذبّ مؤخّر الحديث فيقول : ( إنّ هذا اللفظ وهو قوله : أللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله . كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث ... ) قال : ( إنّ دعاء النبيّ مجاب ، وهذا الدعاء ليس بمجاب ، فعلم أنّه ليس من دعاء النبيّ ... ) (2) .
    وأمّا : ( ولو سلّم فغايته الدلالة على الإمامة ، وهو جواب لم يذكره القوم ) .
     ففيه : أنّه قد ذكره القوم قبله بقرون ، سواء أراد من ( القوم ) قومه أو أصحابنا ، فقد ذكر شيخنا أبو جعفر الطوسي المتوفّى سنة 460 ( فأمّا الجواب عمّا قالوه من ثبوت الإمامة بعد عثمان . فهو : ما تقدّم عند كلامنا في النصّ الجلي ، وهو : إنّ الأمّة مجمعة على أنّ إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بعد قتل عثمان لم تحصل له بنصّ من الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم تناول تلك الحال واختص بها دون ما تقدّمها . ويبطله أيضاً : إنّ كلّ من أثبت لأمير المؤمنين عليه السلام النصّ على الإمامة بخبر الغدير أثبته على استقبال وفاة الرسول من غير تراخ عنها ) (3) .
    أقول :
    ويبطله أيضاً : أنّه كانت ولاية النبيّ صلّى الله عليه وآله سلّم عامة كما يدلّ عليه كلمة ( مَن ) الموصولة ، فكذا عليّ . فيجب أن يكون عليّ هو الولي لأبي بكر دون العكس .
    ويبطله أيضاً : أنّه بعد التسليم بدلالة حديث الغدير على إمامة الأمير ، والاعتراف بعدم النصّ على خلافة من تقدّمه ، يكون تقييد إمامته عليه السلام بالزمان المتأخّر عن زمانهم تقييداً بلا دليل .
    ــــــــــــــــــ
    (1) الرياض النضرة 1 / 205 .
    (2) منهاج السنّة 4 / 16 .
    (3) تلخيص الشافي 2 / 200 .

    الصفحة 214
    أقول : بل ورد النّص عنه صلّى الله عليه وآله سلّم في عدم استخلافه أحداً ممّن تقدّم عليه ، وقوله في عليّ : ( أَمَا والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلّن الجنّة أجمعون ) ، رواه غير واحد من محدّثيهم بأسانيدهم عن ابن مسعود عن النبيّ .
    وأمّا قوله : ( وإذا تأمّلت فما يدّعون من تواتر الخبر حجّة عليهم لا لهم ، لأنّه لو كان مسوقاً لثبوت الإمامة دالاً عليه لما خفي على عظماء الصحابة ... ) .
    فتكرار لما سبق ...
    فتلخّص : أنّ الحديث متواتر سنداً ، نصٌّ دلالةً ... والحمد الله على ذلك .