قال (239) : ( ويشترط أن يكون من أهل الولاية ... سائساً ... قادراً بعلمه وعمله وعدله وكفايته وشجاعته على تنفيذ الأحكام ... ) .
ـــــــــــــــــ
(1) سورة يونس : 35 .
(2) منهاج السنّة 6/475 .
(3) الطبقات الكبرى ج3 ق1 ص 129 ، مجمع الزوائد 5/183 عن الطبراني .
(4) انظر الاستيعاب 2/567 ، حلية الأولياء 1/177 ، الطبري وابن الأثير ، في أوّل قصّة الشورى .
الصفحة 323
أقول :
أمّا اشتراط الولاية بمعنى كونه مسلماً حرّاً ذكراً ... فلا حاجة للبحث عنه .
وأمّا كونه سائساً ، أي : مالكاً للتصرّف في أمور المسلمين بقوّة رأيه ... فهذا أيضاً واضح ، وإنّه ليغني عن هذا الشرط اشتراط كونه ( قادراً بعلمه وعمله وعدله وشجاعته ) وهذه هي الأوصاف الأساسيّة التي اشترطها القوم كما في ( شرح المواقف ) فإنّه قال : ( المقصد الثاني ، في شروط الإمامة . الجمهور على أنّ أهل الإمامة ومستحقّها من هو مجتهد في الأصول والفروع ، ليقوم بأمور الدين متمكّناً من إقامة الحجج ... ذو رأي وبصارة بتدبير الحرب والسّلم ... شجاع قويّ القلب ليقوى على الذب عن الحوزة ) .
وحينئذٍ يُسأَلون : هل كان أبو بكر واجداً لهذه الصفات ، بأن كان عالماً متمكّناً من إقامة الحجج ودفع الشبهات عن الدين ؟! وشجاعاً ثابتاً في المعارك ؟! وعادلاً في جميع أفعاله وتروكه ؟!
أمّا علمه ، فموارد جهله كثيرة جدّاً ، وذكر بعضها الحافظ ابن حزم (1) .
وأمّا شجاعته ، ففراره في الغزوات والحروب ثابت في كتب الفريقين (2) .
وأمّا عدله ، فقد وقع في زمانه ممّا لا يمكن توجيهه كثير ، وقد تقدّمت الإشارة إلى بعض ذلك سابقاً .
هذا بالنسبة إلى أبي بكر ، وأما عمر وعثمان ، فلو اتّسع المجال لتعرّضنا إلى بعض ما كان ...
قال (239) :
( ولا ينعزل الإمام بالفسق ) .
أقول :
أمّا على مذهبنا فلا موضوع لهذا البحث . وأمّا على مذهب القوم فمقتضى
ــــــــــــــــــ
(1) الإحكام في أصول الأحكام 2/12 .
(2) راجع : كنز العمّال 10/424 ، 461 .
الصفحة 324
تعريف الإمامة ـ المتّفق عليه بين الفريقين ـ هو انعزاله ، لأنّها نيابة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، والفاسق لا يصلح لأن يكون نائباً عنه ... فالحقّ مع القائلين منهم بالانعزال ...
قال (241) ( وتجوز الصلاة خلف كلّ برّ وفاجر ... ) .
أقول :
وهذه المسألة لا موضوع لها على أصولنا ، فصاحب الإمامة العظمى يجب أن يكون معصوماً ، وإمام الجماعة يشترط أن يكون عدلاً ، وتفصيل الكلام في الفقه .
وكذا في قوله ( 242) : ( ونصلّي على كلّ برٍّ وفاجر إذا مات ... ) .
ولا نتعرّض للبحث عن هذا .
قال (242) : ( فإن قيل : أمثال هذه المسائل إنّما هي من فروع الفقه ... قلنا : إنّه لمّا فرغ من مقاصد علم الكلام ومباحث الذات والصفات والأفعال والمعاد والنبوّة والإمامة ... ) .
أقول :
قد جعل ( الإمامة ) من مقاصد علم الكلام إلى جنب البحث عن غيرها من أصول الإسلام ، فكانت من أصول الدين ، وعليه القاضي البيضاوي أيضاً لكنّه خلاف قول الجمهور الذين قالوا بأنّها من الفروع ، وقال هو في ( شرح المقاصد ) بكونها بالفروع أليق .