Rss Feed

  1. قال ( 230 ) : ( والخلافة ثلاثون سنة ، ثمّ بعدها ملك وإمارة ، لقوله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثمّ تصير ملكاً عضوضاً ... فمعاوية ومن بعده لا يكونون خلفاء بل ملوكاً وأمراء ، وهذا مشكل ...) .
    ــــــــــــــــ
    (1) منهاج السنّة 8/233 ، 526 .

    الصفحة 299
    أقول :
    هذا الحديث أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربعة والحاكم وغيرهم (1) عن سفينة خادم رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم .
    وقد تصرّفوا في لفظه ، فمنهم من لم يذكر كلمة ( عَضوضاً ) ومنهم من لم يذكر ذيله وهو ـ كما في سنن أبي داود ـ : (قال سعيد : قلت لسفينة : إنّ هؤلاء يزعمون أنّ عليّاً عليه السلام لم يكن بخليفة . قال : كذبت أستاه بني الزّرقاء . يعني : بني مروان ) (2) .
    وقد اضطرب القوم أمام هذا الحديث :
    أمّا أوّلاً : فلأنّه يثبت إمامة عليّ وابنه الحسن عليهما السلام ، لأنّ بشهور إمامته يتمّ الثلاثون ، وقد ذكر ابن تيميّة احتجاج أحمد وغيره به على خلافة عليّ عليه السلام (3) .
    وأمّا ثانياً : فلأنّه يشتمل على ذمّ بني مروان وكلّ من تكلّم في إمامة عليّ عليه السلام أو خالفه .
    وهذا الأمران ممّا لا تحتمله النفوس الأمويّة ، ولذا تصرّف بعضهم في لفظه وناقش في سنده آخرون كالناصبي الشهير ابن العربي المالكي ، صاحب كتاب ( العواصم من القواصم ) ، ومال إلى ذلك من كان على مذهبه . أمّا ابن تيميّة ، فاستدلّ به على خلافة أبي بكر وجعله نصّاً في ذلك (4) لكنّه في الكلام على خلافة عليّ عليه السلام قال : (ليس في الصحيحين ما يدلّ على خلافته ، وإنّما روى ذلك أهل السنن ، وقد طعن بعض أهل الحديث في حديث سفينة) (5) ، فانظر إلى العناد
    ـــــــــــــــــــ
    (1) مسند أحمد 5/221 ، المستدرك 3/145 .
    (2) سنن أبي داود ، كتاب السنّة ، باب في الخلفاء 2/264 .
    (3) منهاج السنّة 1/537 .
    (4) منهاج السنّة 1/515 .
    (5) منهاج السنّة 4/389 .

    الصفحة 300

    والحقد !!
    وأمّا ثالثاً : فلأنّه يدلّ على أنّ معاوية ومن بعده إلى يومنا هذا لم يكونوا خلفاء لرسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، قال الحافظ ابن حجر : ( أراد بالخلافة خلافة النبوّة ، وأمّا معاوية ومن بعده فعلى طريقة الملوك ولو سمّوا خلفاء ) (1) .
    أي : لأنّ الخلافة عن النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم هي النيابة عنه في كلّ الأمور والشئون إلاّ النبوّة ، وبذلك يظهر ما في كلام الشارح (232) : ( ولعلّ المراد ... ) مضافاً : إلى أنّه لو أراد ما ذكره لوَصَفَ الخلافة بعد الثلاثين بـ (غير الكاملة) لا بـ (الملك) .
    ثمّ إنّ قول الشارح : ( لأن أهل الحلّ والعقد ... ) يشتمل على إقرار بحقّ ، وهو عدم وقوع الاتفاق على خلافة معاوية بل عن سفينة أنّ أوّل الملوك معاوية (2) ، وعلى دعوى باطلة ، وهي وقوعه على خلافة عمر بن عبد العزيز والعبّاسيّة .
    لكنّ الحقّ ـ بعد ذلك كلّه ـ هو الأخذ بالحديث الصّحيح المتّفق عليه بين المسلمين عن رسول الله ، في أنّ الخلفاء بعده صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم اثنا عشر ، وهو ما سنحقّقه فيما سيأتي