Rss Feed

  1. أقول :
    هذا من جملة مطاعن أبي بكر العظيمة التي لا يجد الباحث عنها جواباً بعد الإلمام بمجمل الواقعة ... سواء كان عمر موافقاً لأبي بكر في موقفه أو كان مخالفاً له ومنكراً عليه ، وإنّما يستشهد بإنكار عمر عليه للدّلالة على فظاعة ما كان
    ـــــــــــــ
    (1) الشافي 2 / 126 .

    الصفحة 82
    وشناعته ... وإنّ من غير الجائز شرعاً وعقلاً أن يتجاوز الإنسان هذه القضيّة المشتملة على قتل المسلمين صبراً ، وسبي النساء المسلمات ، واستباحة الفروج والأموال ، ثمّ تعطيل الحدود الإلهية ، فيقول (357) مجيباً عن إنكار عمر :
    ( وإنكار عدم قتل خالد من إنكار المجتهدين بعضهم على بعض فيما أدى إليه اجتهادهم ، فإنّه نُقل : أنّ خالداً إنّما قتل مالكاً لأنّه ارتد ، وردّ على قومه صدقاتهم لمّا بلغ وفاة رسول الله ، وخاطب خالداً بأنّه مات صاحبك ، فعلم خالد قصده إنّه ليس صاحباً له فتيقّن ردّته ، وأمّا تزوّجه امرأته فلعلّها كانت مطلّقة قد انقضت عدّتها إلاّ أنّها كانت محبوسة عنده ) .
    فنقول : لقد أطبق المؤرّخون على أن مالك بن نويرة قدم على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فيمن قدم من العرب ، وأسلم وأسلم بنو يربوع بإسلامه ، وولاّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على صدقات قومه ثقةً به (1) ، وكان رجلاً سريّاً نبيلاً يردف الملوك ـ والمرادفة موضعانأحدهما : أن يردفه الملك على دابته في صيدٍ أو غيره من مواضع الأُنس ، والموضع الثاني أنبل ، وهو : أن يخلف الملك إذا قام عن مجلس الحكم فينظر بين الناس بعده ـ وهو الذي يُضرب به المثل ، فيقال : مرعى ولا كالسعدان ، وماء ولا كصدّاء ، وفتىً ولا كمالك ، وكان فارساً ، شاعراً ، مطاعاً في قومه ، وكان فيه خيلاء وتقدّم ، وكان ذا لمّة كبيرة (2) .
    فمالك كان مسلماّ وعاملاً لرسول الله على صدقات قومه .
    وبقي مالك مسلماً حتى آخر لحظة من حياته ، روى المتّقي عن ابن أبي عون وغيره : ( أنّ خالد بن الوليد ادّعى أنّ مالك بن نويرة ارتدّ بكلام بلغه عنه ، فأنكر مالك ذلك ، وقال : أنا على الإسلام ما غيّرت ولا بدّلت ، وشهد له أبو قتادة وعبد الله ابن عمر ، فقدّمه خالد وأمر ضرار بن الأزور الأسدي فضرب عنقه ، وقبض خالد امرأته أمّ متمّم فتزوّجها . فبلغ عمر بن الخطّاب قتله لمالك بن نويرة وتزوّجه امرأته
    ـــــــــــــ
    (1) وفيات الأعيان 5 / 66 ، الاستيعاب 3 / 1362 ، الإصابة 3 / 357 .
    (2) وفيات الأعيان 5 / 66 ، وانظر الإصابة 3 / 357 .

    الصفحة 83
    فقال لأبي بكر : إنّه قد زنا فارجمه . فقال أبو بكر : ما كنت  لأرجمه ؛ تأوّل فأخطأ . وقال : إنّه قد قتل مسلماً فاقتله ، قال : ما كنت لأقتله ؛ تأول فأخطأ . قال : فاعزله ، قال : ما كنت لأشيم سيفاً سلّه الله عليهم أبداً . ابن سعد ) (1) .
    وقد روى الطبري بإسناده عن أبي قتادة كيفية قتله ، ببعض التفصيل قال :
    ( وكان ممّن شهد لمالك بالإسلام أبو قتادة الحارث بن ربعي أخو سلمة ، وقد كان عاهد الله ألاّ يشهد مع خالد حرباً أبدأ بعدها ، وكان يحدّث أنّهم لما غشوا القوم راعوهم تحت الليل فأخذ القوم السلاح ، قال : فقلنا : إنّا المسلمون . فقالوا : ونحن المسلمون . قلنا : فما بال السلاح معكم ؟! قالوا لنا : فما بال السلاح معكم ؟! فإن كنتم كما تقولون فضعوا السلاح . قال : فوضعوها ، ثم صلّينا وصلّوا . وكان خالد يعتذر في قتله أنّه قال وهو يراجعه ما أخال صاحبكم إلاّ وقد كان يقول كذا وكذا . قال : أو ما تعدّه لك صاحباً ؟ ثمّ قدّمه فضرب عنقه وأعناق أصحابه .
    فلمّا بلغ قتلهم عمر بن الخطاب تكلّم فيه عند أبي بكر فأكثر فقال : عدوّ الله عدا امرئ مسلم فقتله ثمّ نزا على امرأته !
    وأقبل خالد بن الوليد قافلاً حتى دخل المسجد وعليه قباء له عليه صداء الحديد معتجراً بعمامة له قد غرز في عمامته أسهماً ، فلما دخل إليه وأتى إلى المسجد قام إليه عمر فانتزع الأسهم من رأسه فحطّمها ، ثم قال : إربأ ، قتلت إمرأً مسلماً ثمّ نزوت على امرأته . والله لأرجمنّك بأحجارك ، وخالد لا يكلّمه ) (2) .
    وعلى الجملة فالمصادر متّفقة على إسلام مالك ... وحينئذٍ فيتوجّه أوّلاً على أبي بكر تسييره خالداً ومن معه لقتال مالك بن نويرة وقومه ... فاضطرب القوم في الدفاع عن أبي بكر وتوجيه ما فعله خالد ...
    أمّا في قتل مالك ، يقولون : ارتد عن الإسلام .. لكن كيف ؟!
    ــــــــــــ
    (1) كنز العمّال للمتّقي الهندي ، وانظر : تاريخ الطبري 242 ، وفيات الأعيان 5 / 66 .
    (2) تاريخ الطبري 3 / 343 .

    الصفحة 84
    فتارةً يقولون : بأنّه لم يؤدّ الزكاة إلى أبي بكر ، وفرّق ما كان بيده من الزكاة على قومه ، لكنّهم يعلمون بأنّ مالكاً كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد ولاّه على صدقات قومه ، وأيّ حرجٍ عليه لو دفعها إلى الفقراء بمقتضى ولايته ؟
    قال ابن حجر : ( وكان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم استعمله على صدقات قومه ، فلمّا بلغه وفاة النبيّ أمسك عن الصدقة وفرّقها في قومه وقال في ذلك :

    فقلت : خذوا أموالكم غـير خائف                     ولا نـاظـر فيما يجيء من الغـد
    فإن قام بالدين المحقـق قـائــم                    أطعنا وقلنا الدين ديـن محمّد ) (1)
     
    بل إنّ ذلك كان هو المفروض عليه ، إذ الزكاة لا تنقل من بلدٍ إلى آخر إلاّ إذا لم يكن في ذلك البلد من هو مستحقّ لها .
    وهل عدم تسليم الزكاة إلى أبي بكر جرم يستوجب أن يرسل إليه من يقتله ، ويستبيح حريمه ، ويقع في قومه سبياً وتقتيلاً ؟!
    وهل نزلت في جواز ذلك آية أو سمعوا من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيه رواية ؟!
    ليت أبا بكر تذرّع في المسألة بحديث زعم أنّه سمعه من النبيّ ، ولم يسمعه غيره !! ـ كما كان في قضيّته مع الزهراء !
    لكن عمر يقول ـ فيما روى عنه أكابر الحفّاظ ـ : ( لئن أكون سألت النبيّ عن ثلاث أحب إليّ من حمر النعم : عن الخليفة بعده ، وعن قومٍ قالوا : نقرّ بالزكاة من أموالنا ولا نؤدّيها إليك أيحلّ قتالهم ؟! وعن الكلالة ) (2) .
    وعلى الجملة فإنّ مالكاً لم يرتد ، وما في الكتاب وغيره من أنّه ( ردّ على
    ـــــــــــــــ
    (1) الإصابة 3 / 357 .
    (2) الدر المنثور 2 / 249 عن جماعة من أعلام الحديث .

    الصفحة 85
    قومه صدقاتهم لمّا بلغه وفاة رسول الله ) تحريف . بل الواقع ما عرفته .
    وأخرى : يقولون بأنّه كان إذا ذكر النبّي قال : ( صاحبكم ) ... فقد جاء في الطبري عن أبي قتادة : ( وكان خالد يعتذر في قتله أنّه قال ـ وهو يراجعه ـ ما أخال صاحبكم إلاّ وقد كان يقول كذا وكذا ، قال : أو ما تعدّه لك صاحباً ؟! فقدّمه خالد وأمر ضرار بن الأزور الأسدي فضرب عنقه ) (1) .
    وفي الوفيات : ( ... فقال مالك : قد كان صاحبك يقول ذلك . قال خالد . وما تراه لك صاحباً ؟! والله لقد هممت أن أضرب عنقك . ثمّ تجاولا بالكلام طويلاً ، فقال له خالد : إنّي قاتلك . قال : أو بذلك أمرك صاحبك ؟! (2) قال : وهذه بعد تلك ، والله لأقتلنّك ) (3) .
    وفي الإصابة : ( وكان خالد يقول : إنّه إنّما أمر بقتل مالك لأنّه كان إذا ذكر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قال : ما أخال صاحبكم إلاّ قال كذا وكذا ، فقال له : أو ما تعدّه لك صاحباً ) (4) .
    فنقول :
     أوّلاً : إنّا لم نر في المصادر الّتي بأيدينا قول مالك لخالد ( مات صاحبك ) .
    وثانياً : إنّه ليس التعبير كذلك عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ارتداداً عن الإسلام ، وقد قال مالك : ( أنا على الإسلام ما غيّرت ولا بدّلت ) (5) ، و( شهد له أبو قتادة وعباد الله بن عمر ) (6) ، و( كانا حاضرين ، فكلّما خالداً في أمره ، فكره كلامهما ) (7) ، ثمّ ذلك الاعتراض الشديد من عمر ، ومطالبته بالقصاص .
    ــــــــــــــ
    (1) تاريخ الطبري 3 / 244 .
    (2) الظاهر أنّ مراده هذه المرة : أبو بكر ، فلا وجه لقول خالد ( هذه بعد تلك ) .
    (3) وفيات الأعيان 5 / 66 .
    (4) الإصابة 3 / 357 .
    (5) كنز العمّال وغيره .
    (6) كنز العمّال وغيره .
    (7) وفيات الأعيان 5 / 66 .

    الصفحة 86
    لقد كان التعبير كذلك متعارفاً بينهم كما لا يخفى على من تتبّع أخبارهم ... ومن ذلك ما أخرجه البخاري عن أبي وائل قال : ( جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة فقال : لقد جلس هذا المجلس عمر فقال : لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلاّ قسّمته . قلت : إنّ صاحبيك لم يفعلاه . فقال : هما المرءان أقتدي بهما ) .
    وما رواه المتّقي عن عليّ أنّه قال لعثمان : ( إنّ سرّك أن تلحق بصاحبيك فأقصر الأمل وكل دون الشّبع ... ) .
    إذن ليس هذا التعبير دليلاً على الارتداد قطعاً عند الجميع ... ولذا اضطربت كلماتهم :
     ففي الكتاب : ( تيقّن ردّته ) .
    وفي الاستيعاب : ( قتل خالد بن الوليد مالكاً يظنّ أنّه ارتدّ ، وأراه ـ والله أعلم ـ قَتَلَه خطأً ) (1) .
    وفي المغني : ( كان الأولى أن لا يستعجل وأن يكشف الأمر عن ردّته حتى يتّضح ) (2) .
    وكأنّ بعضهم ـ لمّا رأى أن لا فائدة له في ذلك ـ التجأ إلى إنكار أصل القضية فقال أحدهم : ( وقد قيل : إنّ خالداً لم يقتل مالكاً بل قتله بعض أصحابه خطأً لظنّه أنّه ارتدّ ) (3) .
    وقال آخر : ( وقيل أيضاً : إنّ خالداً لم يقتل مالكاً وإنّما قتله بعض قومه خطأً ؛ لأنّهم أُسروا على ظنّ أنّهم ارتدّوا وكانت ليلةً باردة ، فقال خالد : ادفنوا أساراكم ، أو لفظاً غيره معناه : معنى أدفئوا ، وكان ذلك اللفظ في لغة المخاطب بمعنى اقتلوهم ، فظنّ ذلك الشخص أنّه أمره بقتل الأسارى فقتل مالكاً ) (4) .
    ــــــــــــــ
    (1) الاستيعاب 3 / 1362 .
    (2) المغني للقاضي عبد الجبار كما في الشافي .
    (3) شرح القوشجي على التجريد 389 .
    (4) حاشية الكتاب 358 .

    الصفحة 87
    قلت : فانظر كيف يحاولون الدفاع عن أبي بكر وخالد ، ومن المحتمل أنّهم يريدون إلقاء الذنب على بعض أصحاب مالك نفسه ، فتأمّل فإنّه غير بعيدٍ من هؤلاء القوم !! هذا ... وأبو بكر كان يقول : ( تأوّل فأخطأ ) (1) .
    قلت : لماذا لم يستجب لطلب مالك بإرساله إلى أبي بكر ... قال ابن خلكان : ( فقال مالك : يا خالد ابعثنا إلى أبي بكر فيكون هو الذي يحكم فينا ، فقد بعثت إليه غيرنا ممّن جرمه أكبر من جرمنا ، فقال خالد : لا أقالني الله إن لم أقتلك ) .
    ولماذا قتل الناس الآخرين من قومه واستباح أموالهم وسبى ذراريهم ونسائهم ؟
    هذا كلّه في قتل مالك .
    وأمّا تزوّج خالد بزوجة مالك من ليلة قتله ومضاجعته لها ، فلا خلاف في أنّه يوجب الرّجم ... ومن هنا قال له عمر كما تقدّم عن ( تاريخ الطبري ) : ( قتلت امرأً مسلماً ثمّ نزوت على امرأته ! والله لأرجمنّك بأحجارك ) . وقال لأبي بكر كما عن ( وفيات الأعيان ) وغيره : ( إنّه قد زنا فارجمه . فقال أبو بكر : ما كنت لأرجمه ؛ تأوّل فأخطأ )! وعن ( مرآة الزمان ) : ( دخل خالد المدينة ومعه ليلى بنت سنان زوجة مالك ، فقام عمر فدخل على عليّ ، فقال : إنّ من حقّ الله أن يقاد من هذا لمالك ، قتله وكان مسلماً ، ونزا على امرأته على ما ينزو الحرام . ثمّ قاما فدخلا على سعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله فتابعوا على ذلك ، ودخلوا على أبي بكر وقالوا : لا بدّ من ذلك . فقال أبو بكر : لا أغمد سيفاً سلّه الله ) .
    وقد اضطرب القوم في توجيه ما فعله خالد وامتناع أبي بكر من رجمه ، ففي الكتاب : ( وأمّا تزوّجه امرأته فلعلّها كانت قد انقضت عدّتها إلاّ أنّها كانت محبوسة
    ــــــــــــــ
    (1) وفيات الأعيان 5 / 66 .

    الصفحة 88
    عنده ) .
    وقال القوشجي : ( لا نسلّم أنّه وجب على خالد الحدّ والقصاص ؛ لأنّه قد قيل : إنّ خالداً إنّما قتل مالكاً لأنّه تحقّق منه الردّة ، وتزوّج بامرأته في دار الحرب ؛ لأنّه من المسائل المجتهَد فيها بين أهل العلم . وقد قيل : إنّ خالداً لم يقتل مالكاً بل قتله بعض أصحابه خطأ ؛ لظنّهم أنّه ارتدّ ، وكانت زوجته مطلَّقةً منه وقد انقضتْ عِدّتها ) (1) .
    وقال ابن حجر : ( وتزوُّجه امرأته لعلّه لانقضاء عدّتها بالوضع عقيب موته ، أو يُحتمَل أنّها كانت محبوسةً عنده بعد انقضاء عدّتها عن الأزواج على عادة الجاهلية ، وعلى كل حالٍ ، فخالد أتقى لله من أن يُظنّ به مثل هذه الرذالة التي لا تصدر من أدنى المؤمنين فكيف بسيف الله المسلول على أعدائه ) (2) .
    وقال ابن خلّكان : ( وقبض خالد امرأته ، فقيل : إنّه اشتراها من الفيء وتزوج بها . وقيل : إنّها اعتدَّت بثلاث حيض ثمّ خطبها إلى نفسه فأجابته ، فقال لابن عمر وأبي قتادة يحضران النكاح فأبيا ، وقال له ابن عمر : تكتب إلى أبي بكر وتذكر له أمرها فأبي وتزوّجها ... ولمّا بلغ الخبر أبا بكر وعمر ، قال عمر لأبي بكر : إنّ خالداً قد زنى فارجمه . قال : ما كنت لأرجمه فإنّه تأوّل فأخطأ ) (3) .
    وقال ابن حجر العسقلاني : ( ... وكان فيه تقدم على أبي بكر يفعل أشياء لا يراها أبو بكر ، أقدم على قتل مالك بن نويرة ونكح امرأته ، فكره ذلك أبو بكر وعرض الدّية على متمّم بن نويرة وأمر خالداً بطلاق امرأة مالك ولم ير أن يعزله ، وكان عمر ينكر هذا وشبهه على خالد )(4) .
    وإنّه ليكفي في سقوط جميعها إصرار عمر على أنّه ( زنا فارجمه ) وقول أبو بكر : ( تأوّلَ فأخطأ ) ثمّ عرضه الديّة ، وأمره خالداً بطلاق المرأة ، كما ذكر ابن حجر العسقلاني .
    ـــــــــــــــ
    (1) شرح التجريد : 389 .
    (2) الصواعق المحرقة : 34 .
    (3) وفيات الأعيان 5 / 66 ـ 67 .
    (4) الإصابة 1 / 414 ترجمة خالد .

    الصفحة 89
    هذه طائفة من كلمات القوم في المقام ، وتلك هي الوجوه التي ذكروها لتوجيه فعلة خالد وموقف أبي بكر منها ، وهي كما ترى متضاربة وكلّها ( لعّل ) و ( يحتمل ) و ( قيل ) ... .
    إلاّ أنّ ابن حجر المكّي يصرّح بالباعث على كلّ هذه المحاولات فيقول : ( وعلى كلّ حال فخالد أتقى لله من أن يظنّ به مثل هذه الرذالة التي لا تصدر من أدنى المؤمنين ، فكيف بسيف الله المسلول على أعدائه ) ! لكن الذي نسب إلى خالدٍ هذه الرذالة عمر بن الخطاب وجماعة من أكابر الصحابة ، فماذا نفعل ؟!
    فظهر أنّ لا جدوى لتلك التعليلات والاحتمالات ، ولعلّه من هنا اضطرّ صاحب ( التحفة الاثنى عشرية ) إلى إنكار أصل القضيّة !! (1) .
    هذا موجز الكلام على قصّة خالد بن الوليد مع مالك بن نويرة وزوجته وقومه . فاقض ما أنت قاض !!
    قوله (358) :
    ( وأمّا قوله في بيعة أبي بكر فمعناه : أنّ الإقدام على مثله بلا مشاورة الغير وتحصيل الاتفاق منه مظنّة للفتنة العظيمة فلا يقدمنّ عليه أحد ، على أنّي أقدمت عليه فسلمت وتيّسر الأمر بلا تبعة ) .