Rss Feed

  1. قال (237) : ( ولا يشترط في الإمام أن يكون معصوماً ، لما مرَّ من الدليل على إمامة أبي بكر مع عدم القطع بعصمته . وأيضاً : الاشتراط ... واحتجّ المخالف بقوله تعالى ... ) .
    أقول : هنا مطالب :
    الأوّل : إنّه استدلّ لدعوى عدم الاشتراط بما مرّ من الدليل على إمامة أبي بكر . وفيه : إنّه أوّل الكلام ، والذي مرّ لم يكن إلاّ دعوى الأفضليّة ، ودعوى الإجماع ، وقد عرفت ما فيهما .
    والثاني : إنّه ذكر هنا ( عدم القطع بعصمة أبي بكر ) لكن في ( شرح المقاصد ) ما نصّه : ( احتجّ أصحابنا على عدم وجوب العصمة بالإجماع على إمامة أبي بكر وعمر وعثمان ، مع الإجماع على أنّهم لم تجب عصمتهم ... ) !! وكيف يحتمل كونه معصوماً ، وفي أقواله إقرار كما في أفعاله دلالة على عدمها ؟ أليس هو القائل : ( إنّ

    الصفحة 320
    لي شيطاناً يعتريني ... ) (1) ؟ ولعلّ في قوله : ( وأيضاً : الاشتراط ... ) إيماءً إلى ضعف الاستدلال المذكور ، وهذا ما صرّح به في ( شرح المقاصد ) حيث قال : ( وفي انتهاض الوجهين على الشيعة نظر ) فانظر إلى التناقض بين الكتابين ، والاعتراف هناك بضعف ما استدلّ به في هذا الكتاب !!
    الثالث : إنّه اقتصر هنا على دليلٍ واحدٍ من أدلّه اشتراط العصمة في الإمام ، وهو الآية المباركة ، وصاحب ( المواقف ) ذكر وجهاً آخر معها ، فلم يذكر إلاّ وجهين ، لكنّ الشارح تعرّض في ( شرح المقاصد ) لسبعة وجوهٍ من الوجوه المُقامة من قبل أصحابنا على الاشتراط ، فراجع ( المراصد على شرح المقاصد ) لترى صحّة الاستدلال بتلك الوجوه ، لكنّ قوله هنا : ( احتجّ المخالف ... ) يوهم انحصار الدليل بالآية فقط .
    الرابع : إنّ ما ذكروه في الجواب عن الاستدلال بالآية المباركة على اشتراط العصمة ، يندفع بفهم المراد من ( الظالم ) و ( العهد ) بالرجوع إلى المفسّرين ... فأمّا ( الظالم ) فهو ( عند أهل اللغة وكثير من العلماء : واضع الشيء في غير موضعه ) كما قال الراغب (2) ولا يخفى أنّ غير المعصوم كذلك . وأمّا ( العهد ) فالمراد منه هو ( الإمامة ) كما قال الرازي والقاضي وغيرهما (3) فيكون معنى الآية : إنّ غير المعصوم لا يناله الإمامة .
    فأين الجواب عن هذا الاستدلال المستند إلى كلام أئمّة التفسير من أهل السنّة أيضاً ؟ كما لا يخفى الفرق بين كلامه هنا ، وما ذكره في ( شرح المقاصد ) ، فراجعه .
    والخامس : إنّه ممّا يدلّ على ضرورة العصمة في الإمام الحقّ ، ووجودها
    ـــــــــــــــــــ
    (1) الطبقات الكبرى ج 3 ق 1 ص 129 ، تاريخ الطبري 2 / 440 ، مجمع الزوائد 5 / 183 .
    (2) المفردات في غريب القرآن : 315 .
    (3) تفسير الرازي 3/40 ، تفسير البيضاوي : 26 ، تفسير أبي السعود 1/156 .

    الصفحة 321
    في الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام : آية التطهير وحديث الثقلين ، وقد تقدّما في الكتاب ، وكذا قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ( عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ يدور معه حيثما دار ) (1) وقوله : ( عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض ) (2) ولا يخفى أنّ مفاد هذين الحديثين هو : إنّ حقيقة العصمة عدم التخطّي عن القرآن ، وهما يدلاّن على اشتراطها في الإمام ووجودها في عليّ عليه السلام .
    وهناك أحاديث ثابتة غيرها مذكورة في المطوّلات .
    قال ( 238 ) : ( وحقيقة العصمة ... ) .
    أقول :
    اختلفت أقوال العلماء في حقيقة العصمة ، والذي عليه أصحابنا : إنّها لطف يفعله الله بالمكلَّف بحيث لا يكون منه وقوع المعصية ، لعدم الداعي إليها ووجود الصارف عنها ، مع قدرته عليها (3) .