Rss Feed

  1. قوله (355) : ( وثالثها : عليّ أفضل الخلائق بعد رسول الله عليه السلام ، ولا يجوز إمامة المفضول مع وجود الفاضل . وسيأتي ذلك تقريراً وجواباً ) .
    أقول :
    ــــــــــــــــ
    (1) منهاج السنة : 2 / 168 .

    الصفحة 58
    أمّا أنّ علياً هو الأفضل أو أبو بكر ، فقد ذكر أدلّة الطرفين من (365) إلى (372) ، ثمّ قال : ( واعلم أنّ مسألة الأفضلية لا مطمع فيها في الجزم واليقين ... ، والنصوص المذكورة من الطرفين بعد تعارضها لا تفيد القطع على ما لا يخفى على منصف ، لكنّا وجدنا السلف قالوا : بأنّ الأفضل أبو بكر ، ثمّ عمر ، ثمّ عثمان ، ثمّ عليّ . وحسن ظنّنا بهم يقضي بأنّهم لو لم يعرفوا ذلك ما أطبقوا عليه ، فوجب علينا اتّباعهم في ذلك ، وتفويض ما هو الحقّ فيه إلى الله ) .
    هذا كلام الماتن هناك وتبعه الشارح فأين الجواب ؟
    وأمّا أنّه لا يجوز إمامة المفضول مع وجود الفاضل فقد تعرّض له في (373) ، وهذه عبارته : ( منعه قومٌ ؛ لأنّه قبيح عقلاً ... وجوّزه الأكثرون إذ لعلّه أصلح للإمامة ... وفصّل قومٌ ... ) فهو ليس إلاّ ناقلاً للأقوال ، فأين الجواب ؟!
    ونحن إذا أجبنا عن أدلّة أفضلية أبي بكر إجمالاً وتفصيلاً ، وبقيت أدلّة أفضلية عليّ عليه السلام بلا معارض ، ثمّ ذكرنا كلمات من بعض أكابر القوم في قبح إمامة المفضول مع وجود الأفضل ، ثبت ما ذهب إليه أصحابنا في الصغرى والكبرى ، ولم يبق مجوّز لاتّباع السّلف فيما ذهبوا إليه في مسألة التفضيل لو كانوا مطبقين عليه كما زعم ، فكيف وهم مختلفون ؟!
    قوله (355) : ( ورابعها : نفي أهلية الإمامة عن أبي بكر لوجوه ... ) .
    أقول :
    أوّلاً : هذه بعض الوجوه لا كلّها .
    وثانياً : إنّما يستدل بها بعد التـنزّل عن اعتبار النصّ .
     
    قوله : ( شرائط الإمامة ما تقدّم ، وكان أبو بكر مستجمعاً لها ، يدل عليه كتب السير والتواريخ ) .
    أقول :

    الصفحة 59
    إنّ الشرائط التي ذكرها وادّعى الإجماع عليها (349) هي أن يكون الإمام :
    1 ـ مجتهداً في الأصول والفروع ، متمكّناً من إقامة الحجج وحلّ الشبه في العقائد الدينية ، مستقلاً بالفتوى في النوازل ...
    2 ـ ذا رأي وبصارة بتدبير الحرب والسلم ...
    3 ـ شجاعاً قويّ القلب .
    4 ـ عدلاً في الظاهر ، لئلاّ يجور .
    5 ـ عاقلاً ، ليصلح للتصرّفات .
    6 ـ بالغاً ، لقصور عقل الصبي .
    7 ـ ذكراً ، إذ النساء ناقصات عقل ودين .
    8 ـ حرّاً ، لئلا يشغله خدمة السّيد عن وظائف الإمامة ...
    قال : ( فهذه الصفات شروط معتبرة في الإمامة بالإجماع ) .
    ثمّ قال : (350) : ( وهاهنا صفات أخرى في اشتراطها خلافٌ ) فذكر خمسة شروط هي :
    1 ـ أن يكون قرشياً .
    2 ـ أن يكون هاشمياً .
    3 ـ أن يكون عالماً بجميع مسائل الدين .
    4 ـ ظهور المعجزة على يده .
    5 ـ أن يكون معصوماً .
    ثمّ قال بالنسبة إلى الثاني والثالث والرابع من هذه الشروط : ( ويبطل هذه الثلاثة أنّا ندلّ على خلافة أبي بكر ولا يجب له شيءٌ ممّا ذكر ) .
    وبالنسبة إلى الخامس منها : ( ويبطله : أنّ أبا بكر لا تجب عصمته اتّفاقاً ) .
    أقول :


    الصفحة 60
    إذن لم يتوفّر في أبي بكر من هذه الشروط المختلف فيها إلاّ الأوّل وهو كونه قرشياً .
    وأمّا الشروط المدّعى عليها الإجماع ، فالذي كان متوفّراً منها فيه بلا خلاف هي الأربعة التالية : الحريّة ، الذكورة ، البلوغ ، العقل .
    فالصّفات التي كان مستجمعاً لها هي هذه الأربعة والقرشيّة ... ولكن لا حاجة إلى الاستدلال لها بكتب السير والتواريخ .
    وأمّا الأربعة الأولى وهي : الاجتهاد ، البصيرة ، الشّجاعة ، العدالة . فكتب السير والتواريخ تشهد بعدم توفّرها فيه ...
    ولو سلّمنا توفّر الثمانية كلّها فيه والقرشية ... فقد استجمع هذه الصفات غير واحد من الصحابة ... فما الذي رجّح أبا بكر على المستجمعين لها منهم ؟!
    على أنّك قد عرفت أنّ عمدة الشرائط العصمة والأفضلية والأعلميّة ، وأنّ طريق تعيين الإمام هو النصّ أو ما يقوم مقامه ...
    قوله (355) : ( ولا نسلّم كونه ظالماً ... ) .
    أقول : قد ذكرنا معنى قوله تعالى : ( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) .