Rss Feed

  1. قال (287) :
    ( فتشاور الصحابة وجعل الخلافة لعمر وقال لعثمان : أكتب ... وعرضت الصحيفة على جملة الصحابة ... فانعقدت له الإمامة بنصّ الإمام الحقّ وإجماع أهل الحل والعقد ... ) .
    أقول :
    أوّلاً : ليس في المصادر المعتبرة أن أبا بكر استشار الصحابة في جعل الخلافة لعمر .
    وثانياً : استخلاف عمر كان ممّا كتبه عثمان من عند نفسه ولم يكن بأمر من أبي بكر ... وهذا ما يذكره المؤرّخون قاطبة ، فراجع منهم الطبري 2 / 618 ، نعم ، أقرّ كتابته بعد إفاقته ...
    وثالثاً : لم يكن أبو بكر الإمام الحقّ ليعتبر تنصيصه على من بعده .
    ورابعاً : لم يتحققّ إجماع أهل الحلّ والعقد على إمامة عمر ، فإنّ دخول بعضهم على أبي بكر وقوله له : ( ماذا تقول لربّك وقد ولّيت علينا فظاً غليظاً ؟! )

    الصفحة 246

    مشهور . فقد روى ابن سعد عن عائشة قالت : ( لمّا حضرت أبا بكر الوفاة استخلف عمر ، فدخل عليه عليّ وطلحة فقالا : من استخلفت ؟ قال عمر ، قالا : فماذا أنت قائل لربّك ؟ ... (1) ورواه ابن أبي شيبة في ( المصنّف ) وأبو يوسف في ( الخراج ) واللفظ : ( فقال الناس ) وفي رواية جماعةٍ عن أبي بكر أنّ ذلك كان قول المهاجرين كلّهم (2) . ولو سلّم فلا عبرة به ، إذ الإمامة لا تنعقد إلاّ بنصّ من الله ورسوله .
    قال (288) :
    ( وجعل الخلافة شورى ... )
    أقول :
    نعم قد عرف عمر حقّ عثمان عليه بكتابة اسمه في الكتاب كما أشرنا ... فعقد الخلافة له من بعده بصورة غير مباشرة ، وذلك قول الإمام عليّ عليه السلام لمّا سمع بذلك للعبّاس : ( عَدَلتْ عنا ! فقال : ما أعلمك ؟ قال : قرن بي عثمان وقال : كونوا مع الأكثر ، فإن رضي رجلان رجلاً ، ورجلان رجلاً ، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف . فسعد لا يخالف ابن عمّه عبد الرحمن ، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفون ، فيولّيها عبد الرحمن عثمان أو يولّيها عثمان عبد الرحمن ، فلو كان الآخران معي لم ينفعاني ) (3) .
    فأنت ترى كيف عقد عمر لأبي بكر ، وعقد أبو بكر لعمر والكاتب عثمان وعقد عمر لعثمان ؟!  لكن بلغت مفاسد عثمان حدّاً حتّى قاطعه عبد الرحمن بن عوف الذي كان
    ــــــــــــــــــ
    (1) الطبقات الكبرى 3 / 274 .
    (2) انظر : تاريخ الطبري 2 / 617 ، العقد الفريد 4 / 267 ، إعجاز القرآن للباقلاّني 184 هامش الإتقان ، الفائق للزمخشري 1 / 45 .
    (3) تاريخ الطبري 3 / 294 .

    الصفحة 247

    عقد الخلافة له على يده (1) وقام عليه المهاجرون والأنصار حتّى كان ما كان .
    قال (288) :
    ثمّ اجتمع الناس بعد ثلاثة أيام على عليّ ... ) .
    أقول :
    قد عرفت أنّه عليه السلام إمام معصوم منصوص عليه ، فإن انقادت له الناس حصل لهم لطف تصرّفه ... نعم إنّما يحتجّ بالإجماع عليه إلزاماً لمن يرى تحقّق الإمامة به ... أمّا أنّ طلحة والزبير ( قد صحّت توبتهما عن مخالفته ) ، وأنّ فلاناً وفلاناً بايعوه ( إلاّ أنّهم استعفوا عن القتال ) فهذه أمور ليس للبحث عنها كثير فائدة ... والمهمّ :
    1 ـ اعترافه بالإجماع على إمامته .
    2 ـ اعترافه بأنّ المخالفين له باغون ، ولا سيّما للحديث : ( يا عمّار تقتلك الفئة الباغية ) (2) .
    3 ـ اعترافه بالحديث : ( إنّك تقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين ) (3) .
    قال (289) :
    ( إنّ الإمامية يزعمون أنّ الإمام الحقّ بعد رسول الله عليّ ، ثمّ ابنه الحسن ثمّ أخوه الحسين ... ) .
    أقول :
    قد عرفت أنّ الإمامة رياسة دينية ودنيوية نيابة عن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ... وأنّه لا بدّ للمسلمين من إمام يقتدون به في جميع أمورهم الدينية والدنيوية في كلّ زمان ، ليصحّ قوله صلّى الله وآله : ( مَن مات ولم يعرف إمام
    ــــــــــــــــــ
    (1) المعارف : 306 .
    (2) حديث متّفق عليه .
    (3) حديث متّفق عليه .

    الصفحة 248

    زمانه ، مات ميتةً جاهليّة ) ، فمَن أئمّة القوم الذين يقتدون بهم ويأخذون منهم معالم ؛ دينهم بعد الخلفاء الأربعة ؟!
    أمّا الإمامية فالأئمّة عندهم كما ذكر ، ونصّ كلٍّ من السابقين على من بعده ثابت بالتواتر عندهم كما لا يخفى على من راجع كتبهم ، لا سيّما المؤلّفة منها في ذلك بالخصوص ، مثل : ( كفاية الأثر في النصّ على الأئمّة الاثني عشر ) و ( إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات ) و ( الإشراف على النصّ على الأئمّة الأشراف ... وهي روايات مروية بالأسانيد المعتبرة عن العترة الطّاهرة ، فقول السّعد : ( والعاقل يتعجب من هذه الروايات والمتواترات التي لا أثر لها في القرون السابقة من أسلافهم . ولا رواية عن العترة الطاهرة ، ومن يوثق بهم من الرواة المحدّثين ) جهل أو تجاهل ... كما أن رمي زيد بن عليّ ـ رضي الله عنه ـ بـ ( دعوى الخلافة ) افتراء محضّ ...
    ويكفينا من الأخبار الموثوقة عن طريق أهل السنّة : حديث : ( مَن مات ولم يعرف إمام زمانه ماتَ ميتةً جاهلية ) فإن مَن مات في زمن يزيد بن معاوية أو بني مروان أو بني العبّاس أو سائر الملوك ولم يعرف ملك زمانه ولم يعتقد بإمامته فلا يحكم بموته ميتةً جاهلية ، فتعيّن أن يكون المراد غيرهم ، وليس إلاّ أئمّة أهل البيت .
    وحديث ( الاثنا عشر خليفة ) المتّفق عليه ... فإنّه لا ينطبق إلاّ على ما نذهب إليه وإن حاولوا صرفه عن ذلك .
    وحديث : أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم قال للحسين عليه السلام : ( ابني هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمّة تسعة تاسعهم قائمهم ) .
    والأحاديث الأخرى الواردة في هذا المعنى ، روى ذلك أبو نعيم الإصفهاني في أربعينه في المهدي ، والحمويني في فرائد السمطين ، والخوارزمي في مقتل الحسين 1 / 145 ، ومحبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى : 136 والكنجي الشافعي في البيان في أخبار الزمان : 90 والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة : 442 وغيرهم من السابقين واللاّحقين . ويكفينا من الأدلّة الأخرى أنّ العصمة والأفضلية من شروط الإمامة ، وهما

    الصفحة 249

    مفقودان في غير هؤلاء الأئمّة .
    هذا ، ولا يخفى أنّ السّعد قد أراح نفسه هنا من جهتين إحداهما : بيان الأئمّة من بعد الخلفاء الأربعة عند أهل السنّة . والثّانية : الكلام مع الإمامية فيما يذهبون إليه ، بل اكتفى بقوله : ( والعاقل يتعجّب ...